خالد بن حمد المالك
يحسب للملك سلمان حسن اختياره للأمير محمد بن سلمان ليكون ولياً للعهد، دون أن يراعي فارق السن مع غيره من أبناء وأحفاد الملك عبدالعزيز، فقد وجد فيه من الصفات والمواصفات ما يؤهله لأن يتبوأ هذا المركز القيادي المهم، ومنحه من ثقته ودعمه ما جعل سموه يغير في النمط التقليدي الذي كانت تدار به البلاد اقتصادياً وأمنياً وسياسياً واجتماعياً، وبالتالي ما جعل حقبة الملك سلمان تتميز بانفتاحها على كثير من المُسَلَّمات التي كانت محظورة، أو مجال اعتراض شريحة من المواطنين، دون أن يكون هناك أي مبرر لذلك.
* *
جاء اختيار الملك لولي عهده، لمعرفته بكفاءته وتميزه وإخلاصه وجديته في العمل، وتوسم فيه الخير لشعبه وبلاده، ولم يصغ الملك سلمان إلى من كان يرى أن في صغر سنه ما يحول دون أن يكون رجل المرحلة، فقد رأى فيه ما لم يره آخرون بحكم قربه من سموه، ومعرفته بقدرات غير عادية يتمتع بها هذا الأمير الشاب، وكان قرار الملك في محله، فقد أدرك في ابنه منذ طفولته أنه سيكون هديته للوطن، إذا ما بلغ مرحلة الشباب، وسن الرشد، والتحصيل العلمي، والخبرة في حدود ما يؤهله ليكون ولياً للعهد.
* *
نجح الملك سلمان في اختيار ساعده الأمين، فرأينا التغيير يتم بشكل متسارع، ويشمل كل شيء كان يتعذر الاقتراب حتى من محاولة إبداء الرأي لتغييره، فإذا بنا أمام انفتاح كبير على العالم، تُلبى فيه رغبة كل ما كانت تنادي به الشريحة الأكبر من المواطنين، فسُمح للمرأة بأن تقود سيارتها، دون حاجة إلى سائق كان يتولى هذه المهمة، ومُكِّن المواطنون والمواطنات من العمل معاً تحت سقف واحد، وسُمح للمواطنات بحضور المباريات الرياضية، وكانت الحفلات الغنائية ضمن ما تم إقرار تنظيمها، ومثلها السينما، وأُتيح للمرأة أن تعمل في القطاع الخاص إلى جانب الرجل، وأن تكون سفيرة لبلادها في أكثر من سفارة، وأن تعمل في مراكز قيادية عليا في الوزارات والهيئات الحكومية.
* *
وكان الأبرز في التغيير تحسين جودة الحياة، وتهيئة البلاد لتكون جاذبة سياحياً من خلال مشروعات عملاقة مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية، والاهتمام غير العادي بموضوع الاستثمار بالشراكة مع الدول الأخرى، وتحسين كفاءة القوات المسلحة في جميع القطاعات، فتم التصدي للحوثي وللإرهاب في الداخل، وكسر شوكتهما، وكسر ظهرهما، في أعمال بطولية كانت في مستوى التحديات. وكانت العلاقات الدبلوماسية مع الدول ضمن الأولويات في بناء حقبة الملك سلمان الذي سوف يسجل التاريخ له هذه الإنجازات العظيمة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
* *
ومثلما اهتم محمد بن سلمان بالمرأة، ووضعها ضمن أولوياته، وأعطاها الأفضلية في التعيين بالوظائف الحكومية لمعالجة الخلل في عدد الموظفات مقارنة بالموظفين، فقد أعطى الشباب أولوية في المراكز الأولى في سلم وظائف الدولة، وذلك لمواكبة التطورات المتسارعة التي تمر بها المملكة والعالم، وتحتاج إلى العقليات التي تحسن التحديث والتجديد والتعامل مع المستجدات التقنية والعلمية، بشكل يجعل من المملكة دولة حضارية وقوية في التعامل ما يحقق لها ذلك.
* *
إذاً في عامين تحقق كل هذا، وهناك ما هو أكثر تم إنجازه كإعادة هيكلة الوزارات، وخلق بيئة عمل أفضل، ومحاسبة المقصرين، ومنع استغلال النفوذ للإثراء الفاحش وغيرها كثير، غير أن المساحة لا تتسع لأكثر من إشارات وتلميحات، مع ثقتنا بأن كل من سيقرأ هذه السطور هو على معرفة جيدة بأن الإنجازات أكثر مما أشرنا إليه، وأنا على ثقة ويقين بأن القادم سيكون أفضل وأجمل، وأن فائدته ستعم الوطن والمواطن دون استثناء.