د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
البند الرئيس في قمة مكة الإسلامية برفع شعار يدًا بيد في مكافحة الإرهاب، القمة التي عقدت ليلة 27 من رمضان 1440 في مكة المكرمة لمناقشة الانتهاكات الحوثية التي تعرضت لها المملكة عبر طائرات مسيرة لضرب مضخات للنفط، وهو ما يمثل تهديدًا للتنمية، وخصوصًا أن النفط هو أحد أهم مصادر التنمية في العالم، وأحد أهم محركات الاقتصاد العالمي، لذلك لا يمكن أن تستمر منطقة الخليج في تمويل الاقتصاد العالمي بالنفط إذا كان هناك تهديد ترعاه وتدعمه إيران عبر وكلائها في المنطقة.
وما يحدث من تهديد من قبل أذرع إيران في المنطقة، هي تطورات غير مسبوقة في تاريخنا الحديث، على أهمية وقعها على الأوضاع في المنطقة والعلاقات الدولية عمومًا، وتتابع المنظمة عن كثب وباهتمام بالغ الملفات المتعلقة باليمن والصومال وليبيا وسورية وأفغانستان والعراق ومالي والسودان والجزائر وغينيا ونيجيريا والنيجر وسيراليون وكوت يفورا وجيبوتي وجزر القمر وإفريقيا الوسطى وغيرها من الدول، كما تتابع بقلق عميق الأحداث الدموية ضد أمن شعب جامو وكشمير وتطورات الأحداث في إقليم ناجورنو كرباخ، وأوضاع الروهينجا، وبخصوص الشعوب المسلمة في قبرص التركية والبوسنة وكوسوفو وأوضاع المجتمعات المسلمة في باقي دول العالم.
تهدف المنظمة إلى العمل على تسوية الأزمات القائمة في بعض بلدان منطقتنا وتخليصها من حالة عدم الاستقرار، التي ما فتئت التنظيمات الإرهابية تستغلها وتستفيد منها لتنفيذ مخططاتها بدعم دولة كبرى في المنطقة وهي إيران، مما يعيق التنمية التي لم تعد دول المنطقة منعزلة عن العالم، وخصوصًا أن المنطقة معبر للتجارة الدولية، وفي نفس الوقت هي خزان للطاقة الذي يمد كل دول العالم، وبذلك لا يمكن القبول بوجود مثل هذا التهديد في بث عدم الاستقرار في المنطقة، الذي يهدد ليس فقط التجارة الدولية، بل يهدد الاقتصاد العالمي والنمو الاقتصادي.
المؤتمر الذي احتضنته مكة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- يتطلع إلى مزيد من التعاون بين الدول الأعضاء، وكذلك مع المجموعة الدولية لبلورة معالجة شاملة تركز على محاربة أشكال التمييز والتطرف والفهم الخاطئ للدين والقضاء على مشاعر الإقصاء والغربة الفكرية والعمل على إشاعة قيم التسامح والاعتدال وتشجيع الحوار بين الثقافات والأديان.
لا يمكن محاربة الإرهاب والتطرف والإسلاموفوبيا فيما هناك دول تدعم التطرف والإرهاب، وتدعم الميليشيات والتنظيمات، وتقدم لهم كل أشكال الدعم المادي واللوجستي وملاذات آمنة.
إضافة إلى أن دول الخليج لم تعد قادرة على أن تستمر كسند وممول خارجي لجيرانها ذوي الأهمية الجغرافية والاستراتيجية، حيث كانت في الفترة الماضية من السمات البارزة في التاريخ الاقتصادي المعاصر لمنطقة الشرق الأوسط، وهي استراتيجية غير مستدامة، وخصوصا أن دول الخليج نفسها تمر بهيكلة اقتصادية شاملة.
تقود السعودية ومعها بقية دول الخليج مرحلة إصلاحات هيكلية ليس فقط في دولها بل أيضاً ترتبط بالدول ذات الأهمية الجغرافية والاستراتيجية بعد حقبة كانت تعد رمزًا لتاريخ اقتصادي مهم لمنطقة الشرق الأوسط يتسم بقيام اقتصادات ذات الدخل المرتفع بتمويل الاختلالات الخارجية المستمرة التي لن تكون مجدية على المدى الطويل على غرار نيوم وغيرها من الاستثمارات المشتركة، خصوصا وأن دول الخليج نفسها تعاني من الاختلالات، بسبب محافظة النجاحات التكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة وفي مجال النفط الصخري على انخفاض أسعار النفط، وبالتالي تحد من قدرة المنطقة على تعبئة المدخرات الإقليمية.
لن تتمكن المملكة كأكبر دولة خليجية وخادمة للحرمين الشريفين مواصلة تعبئة المدخرات الإقليمية كما كانت سابقا، بل عليها أن تقوم بدور استعادة الاستقرار في المنطقة وردع الدول الراعية للإرهاب وعلى رأسها إيران، ومن ثم تفكيك المنظمات والمليشيات من أجل استعادة المنطقة الاستقرار حتى تتحول إلى منطقة جاذبة للاستثمارات والتحول إلى التنمية والاندماج في المنظومة العالمية للتنمية والتجارة باعتبارها مركزاً مهمًا لكل الدول سواء الغرب أو الشرق.