أحمد عبدالعزيز الجنيدل
رغم أن دعم إيران للحوثي مما ينطبق عليه قول المتنبي:
وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ
إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ
إلا أن قوات التحالف بقيادة السعودية أثبتت للعالم بالدليل أن إيران تدرب وتسلح الحوثي. ولا يبدو أن أحدًا يشكك في هذه الحقيقة الآن، لكن بعض الصحف الغربية شككت فيما إذا كانت إيران مسؤولة عن قرارات الحوثي باستهداف السعودية بالصواريخ، وهذا يأتي في سياق محاولة تبرئة إيران من الاعتداءات التي ارتكبها الحوثي ضد السعودية والإمارات.
ومن الجيد التذكير أن إحدى السياسات التي تبنتها إيران منذ اندلاع بركان الثورة الإسلامية هي ما يسمى بسياسة تصدير الثورة. وفي الحقيقة منذ وقت مبكر جدًا، تحديدًا عام 1980، أصدرت الـ»سي آي آيه» تحليلها أن إيران تحاول تصدير ثورتها إلى بلدان الشرق الأوسط وذلك عبر تقديم الدعم للمتمردين في تلك البلدان. ودعم الحوثي يأتي ضمن هذه السياسة الإيرانية المكشوفة وإن كان دعمه أتى متأخرًا، لكن هذا التأخر كان لسببين، الأول بأن قرار تحول الحوثيين أنفسهم إلى ميليشيا مسلحة ضد الحكومة المركزية أتى متأخرًا نسبيًا، إضافة إلى أن التبرير التقليدي لإيران لتسليح الميليشيات كان هو مقاومة الاحتلال وفي حالة اليمن لم يكن هنالك احتلال أصلاً. دعم الحوثيين لم يُعر حجة الإيرانيين هذه فقط، لكن أيضاً فضح سعيها الدؤوب إلى تهديد أمن المملكة، وأن هدفها ليس مقاومة الاحتلال لكن تثبيت قدمها في الدول العربية.
أما عن طبيعة العلاقة بين إيران والحوثيين فيجب التنبه إلى أنه من الصحيح أن إيران قد تدعم جماعات لا تتشارك معها في الايدولوجيا للإضرار بخصومها. وهي قد دعمت ودربت القاعدة سابقا لأنها كانت تريد إضعاف الولايات المتحدة بأي وسيلة. لكن الحوثي ليس فقط أداة إيرانية للحرب ضد السعودية، لكن إيران وجدت فيه حركة تتماهى معها في مشروعها السياسي والإيديولوجي، بل تصورها الكامل عن المنطقة، والحوثي يتشارك مع إيران نفس الموقف من الولايات المتحدة والسعودية وسوريا. والحقيقة أن الحوثي بهذا الاعتبار أكثر ارتباطًا مع إيران من حركات ربطتها مع إيران علاقات أقدم مثل حماس. صحيح أن إيران تترك بشكل عام لوكلائها مساحة لتقرير ما هو الأفضل للحركة في إدارة المشهد الداخلي للدول التي هم فيها، على سبيل المثال إيران لا تكترث في كيفية تعامل حزب الله مع بقية الأحزاب في لبنان. لكن إيران تتدخل بشكل مباشر عندما يكون القرار مرتبطًا بدولة خارجية ويؤثر في المنطقة بشكل كامل، فإيران في حروب حزب الله ضد إسرائيل، ودخوله إلى سوريا كان لها كلمة أساسية. ولذلك لا معنى من القول بأن الحوثي يرسل طائراته المسيرة إلى السعودية على الرغم من رفض إيران لهذه الضربات إذ إن هذا القرار يؤثر في إيران دوليًا. والحقيقة لو أن إيران كان لديها أي تحفظ على هذا العمل لأدلت بتصريحات أو سربت خبرًا أنها ضده، لكن كل المؤشرات تدل على دعمها لهذه الخطوات، ولو أنها ضد هذه العملية لأوقفت ضخ أسلحتها إلى الحوثي لكن لا مؤشر أيضاً يدل على ذلك.