د. أحمد الفراج
منذ دخول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، لم يتعامل معه الإعلام الأمريكي كرئيس، فاز بغالبية أصوات المندوبين، بل تعامل معه كزعيم انقلابي في إحدى جمهوريات الموز، فلم يتركوا له الفرصة ليهنأ حتى بحفل التنصيب، الذي غالباً يتصالح فيه الفرقاء، الرئيس المنتهية ولايته والرئيس الجديد، فقد كان الإعلام يبحث عن أخطاء أو تجاوزات، ويقارن عدد حضور حفل التنصيب مقارنة بحضور حفل تنصيب أوباما، وحتى ابن ترمب الطفل، لم يسلم من الهمز واللمز، ولا يمكن أن أنسى التعليقات السلبية، عندما زار ترمب مقر وكالة المخابرات المركزية (CIA)، في بداية فترته الرئاسية، فقالوا إنه لم يحترم تقاليد هذه الوكالة العريقة، وأنه لم يحترم من ماتوا في مهمات وطنية من منسوبي الوكالة، وذلك عندما ألقى كلمته داخل المبنى، وأدار ظهره للوحة التذكارية التي تحمل أسمائهم.
ثم جاءت حفلة الهجوم الشنيع، أثناء ترشيح ترمب لأركان إدارته، فهو لا يعرف كيف يختار، وهو عنجهي لا يبحث عن كفاءات، بل عن مخلصين له، وهذه حقيقة إلى حد كبير، ولكن هل من سبقه من الرؤساء اختاروا خصومهم مثلاً؟!، فباراك أوباما كان أكثر حرصا على اختيار الموالين له، تماما مثل ترمب، عدا هيلاري كلينتون، التي رشحها أوباما في وزارة الخارجية، بناءً على حسابات حزبية، وربما اتفاقات مسبقة، وكان الكونجرس حسب ترمب، يعرقل استجواب المرشحين، وأفضل مثال على ذلك ما حدث لوزير العدل السابق، جيف سيشون، الذي لم يقر مجلس الشيوخ تعيينه، إلا بعد تصريحات مزلزلة من ترمب، ومثل ذلك حدث مع مرشحين آخرين، فالديمقراطيون كانوا يتعاملون مع معظم ترشيحات ترمب على أن إقرارها يتعارض مع المصلحة الأمريكية العليا، ويعتقدون أن هذه إحدى أفضل وسائل مكافحة هذا الرئيس الغريب!.
ولم تكن هذه العراقيل من الكونجرس، والانحياز الإعلامي شئياً يذكر مقارنة بقضية التدخل الروسي وتحقيقات مولر، واليوم، وبعد كل ما حدث، لا أصدق أن ترمب لا زال يقاوم، بل وازدادت شعبيته، حسب استفتاءات موثوقة، فهو، ومن البداية، يملك رصيداً كافياً من الناخبين المخلصين له، واستطاعوا إيصاله للبيت الأبيض ولا يزالون يقفون معه، وسيصوتون له مرة ثانية، إذ يبدو واضحاً أن جمهوره يقترب منه، كلما زاد الانحياز ضده والهجوم عليه، فهذا الجمهور، وبغض النظر عما إن كان فعله صواباً، انتظر طويلاً وصول سياسي بمواصفات ترمب، يدغدغ مشاعر الشعب بالوطنية، وينفذ وعوده، ولا يتردد عن قول أي شيء ضد الخصوم، مهما كان ذلك مستفزاً وقاسياً، إذ يبدو في ذلك مثل المصارع الضخم، الذي لا يجرؤ أحد على مواجهته.. وهذا النوع من الساسة النادرين يثير شرائح لا يستهان بها من المحبطين والحالمين.
وللحديث صلة،،،