د.ثريا العريض
كل عام وأنتم بخير..
مر علينا رمضان الكريم سريعاً خفيفاً مليئاً بالمشاعر الروحانية والدعاء بالخير للجميع.. وحمل معه إنجاز مسؤوليات فردية واجتماعية وقيادية ترضي الله وتدعم أسس الحياة السعيدة الآمنة للجميع.
وهلّ العيد حاملاً معه المزيد من الأفراح والرضا.
اجتمعت العائلة الحميمة مكتملة بالأحفاد يملؤون البيت جلبة وحيوية. أسمع حواراً بين ليلى وياسمين, بنات ولدي هاشم، تسأل الصغيرة أختها الأكبر ما معنى كلمة عيد؟.. بينما يصغي عبدالله وملاك ابنا عمتهما مترقبين الجواب. تتدخل والدته ابنتي الكبرى دكتورة مي لتشرح لكل الأطفال:
العيد كل ما يعود دورياً في الزمن حاملاً معه ما يسعد ويدعو للاحتفاء.
العيد هو اجتماع الأحبة والأهل وتبادل القبل والهدايا والتبريكات.
العيد هو زيارة الأقارب مستعيدين الذكريات الجميلة وتبادل الأمنيات بتحقق الأحلام الحالية.
العيد هو فرحة الأطفال بالملابس الجديدة والعيديات والهدايا.
تشع عيون الصغار بالترقب فهم المعنيون بالجملة الأخيرة.
على جنب أفكر فيما سمعت؛ أدعو الله في صمت ومن عمق قلبي:
اللهم أنت سبحانك العليم بأحوال الناس من عبادك في شتى أنحاء العالم. اللهم أنت القدير على جمع العائلات المتباعدة, تلك التي رجالها مرابطون يدافعون عن أمن الوطن على الحدود والثغور. وتلك التي فرقت أفرادها الحروب والصراعات والفتن. اللهم أنت سبحانك القادر على إحلال الأمان في كل البيوت والسلام في كل الأوطان.
سبحانك الأعلم بالصلاح، ولك حكمة في كل ما تشاء، ولك حكمة في اختيار الزمان وأحوال المكان واختيار النهايات.
أسمع بناتي ينادين الأطفال للنوم مبكراً ليأتي العيد وإفطاره وعيدياتهم.
يودع الصغار والديهم وينصرفون جميعاً إلى منام مليء بالأحلام.
اللهم أسألك بجاهك ولطفك ألا يحرم الإرهاب طفلاً من أحلامه ولا يسرق منه فرحة أيامه.
ببساطة منذ أربعة عقود وأنا أنادي بضرورة التحول الفكري على أرض الواقع الحي لإيقاف تصاعد الانحراف إلى التطرف والتفاعلات السلبية الناتجة عن محصلة تداخل التشدد والغلو وتحريم الترفيه والتركيز على الجسد, مع فكر الطفرة المادية المترفع عن العمل الميداني وفكر الانغلاق والإقصاء والتجريم الرافض لكل ما هو مختلف عما تفرضه الأعراف فيصبح سائداً محلياً يتطلب خضوع الجميع دون تقبل للحوار المنطقي الواعي.
كنت أحلم بوطن وجوار يسوده التسامح، ويمارس التعايش، وينجب المبتكرين، وينتج في الحاضر ما يستحق الفخر والإعجاب.
وها نحن نرى الحلم يتجسد وندعو به للجميع.