يوسف المحيميد
خلال الأيام الماضية انتشر في موقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمعتمر منفعل، يهدد رجل أمن، ويقسم بأنه لا يستطيع فعل أي شيء، ثم تجاوز بمد يده نحو سلاح الشرطي في جرأة غريبة، لكن هذا الرجل المدرب دافع عن نفسه، وحمى سلاحه. ومن الطبيعي أن يتم استغلال هذا المقطع في مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه صورة المملكة؛ فالمملكة مستهدفة بشكل مخيف من قِبل خلايا إلكترونية مأجورة. وعلينا ألا نخشى هذه الصور والمقاطع، وإنما نؤكد للعالم أننا دولة ذات هيبة وسيادة، لدينا قانون وأنظمة، ولن ننتظر من يمد يده ليصفعنا كي نناوله الخد الآخر، حتى نُظهر ما يُعتقَد أنه تسامح؛ فهذا ليس تسامحًا، بل ضعفًا، لا نقبل به في بلادنا، ولا نملك إلا أن نشكر الشرطي الذي كان في مستوى المسؤولية، وفي اللحظة المناسبة.
هؤلاء الرجال، رجال أمن الحرم المكي، يتمتعون بصبر وحلم وأناة، قلَّ أن توجد في غيرهم، يستقبلون حجاجًا ومعتمرين من مختلف أنحاء العالم، ذوي سلوكيات مختلفة، وأمزجة متباينة، منهم المريض والعاجز، والعاقل والمتهور، منهم من جاء وهو يشعر بأنه بات إلى الله أقرب، محفوفًا بالسكينة والطمأنينة، ومنهم من جاء محمَّلاً بسخط وحقد، إما على أوضاعه الشخصية، أو على بلده وحكومته، أو على السعودية.. وفي كل هذه الحالات المتباينة يستقبلهم هؤلاء الرجال الذين يخدمون ضيوف البيت بكل حب وسماحة، يساعدونهم في كل خطوات حجهم أو عمرتهم دون تعالٍ أو منَّة؛ لأنهم تربوا على الفطرة التي تكرس فضل خدمة الحرم وضيوفه، وينتمون لدولة تزهو وتتشرف بخدمة ضيوف الرحمن، وتبذل لهم كل أسباب الراحة والتيسير في مناسكهم.
تقول حاجة مصرية إنها شعرت بالتقاء السماء بالأرض في أطهر البقاع، مكة المكرمة؛ لما شاهدته ممن يخدمون ضيوف البيت العتيق، سواء من شرطة الحرم أو من غيرهم.. صور لا تُعد ولا تُحصى من هؤلاء الرجال النبلاء وهم يدفعون عربة امرأة عجوز، أو يحملون شيخًا عاجزًا عن المشي، أو يرفعون طفلاً عن الرمضاء؛ فللهم درهم، جزاهم الله خيرًا في الدنيا والآخرة.