فهد بن جليد
ليس بالضرورة أن نفترض صِحَّة تقديرات «براين هوك» المبعوث الأمريكي الخاص لإيران حول خسائر طهران بسبب العقوبات، حتى نكتشف أنَّها في وضع اقتصادي سيئ جداً وسترضخ - دون حرب- لا أحد يُريدها أو يسعى إليها في المنطقة، فمن خلال مُراقبة المشهد الداخلي وتقارير العمق الإيراني، يتضح أنَّ طهران دخلت بالفعل مرحلة «الترنّح» مُبكراً مع الانخفاض الحاد في دخل الخزينة، وارتفاع فاتورة وتكلفة تدخلاتها وعبثها في عدة دول عربية وإسلامية، ومُتطلبات دعم الأحزاب والميلشيات الإرهابية في اليمن والعراق ولبنان وغيرها، ما يُضعف حتى نفوذ طهران وإمكانية استفادتها من «الخلايا النائمة» التي تُراهن عليها وتُهدِّد بها لإثارة القلاقل والفتن ضمن «مُخطط الملالي» في تصدير الثورة، خلافاً للوضع المُزري في الداخل الإيراني مع تزايد الفساد وارتفاع نسبة الفقر ومُعدلات الجريمة والبطالة والانتحار، والغضب الذي ظهر على ملامح وجه المُجتمع الإيراني مع فشل مشروع تصدير الثورة، وتأثير ذلك على حياة المواطن اليومية الضرورية فضلاً عن رفاهيته وهو يدفع ثمن أطماع وأفكار قادته من قوت يومه، حتى قبل أن تبدأ أي حرب أو مواجهة حقيقة مع واشنطن أو أي من دول المنطقة.
لقد وصل الحال «بالنظام الإيراني» لتغطية هذا الفساد، أن يستخف بعقلية المواطن الإيراني ليوهمه بأنَّ هناك مؤامرة خارجية تُحاك ضده لوقوع الكوارث الطبيعية «كالزلازل وسرقة الغيوم» من قبل دول إقليمية مُعادية، بمُساعدة أمريكا والغرب، إلى غير ذلك من «الخُزعبلات» التي تُسَطِّح عقلية المواطن وتُشغله عن المُطالبة أو التفكير بحقوقه المسلوبة على يد «الملالي» أو حتى التساؤل: لماذا لا يعيش في رفاهية مثل بقية شعوب المنطقة الغنية بالنفط؟ ولماذا هو مُبرمج خلف أطماع وأوامر هؤلاء المُعمَّمين حتى لو خالفت العقل والمنطق؟ وللأسف بهذه العقلية يُقاد كذلك كل من يتعاطف مع «طهران» أو يدور في فلكها من «الشيعة العرب» الذين فقدوا هويتهم ودينهم معاً، فلا هم حافظوا على انتمائهم الوطني وعرقهم العربي ليجدوا أنفسهم أعضاء في خلايا أو أحزاب وميليشيات إرهابية، ولا هم كسبوا الرضاء الديني والقناعة والحياة الكريمة، فهم في حالة «عبودية دائمة»، كمن سلَّط السيف على رقبته، باتباعهم لوهم «ولاية الفقيه» ليبقوا تحت أقدام الفُرس وبإمرتهم طوال الوقت.
إيران لن تصمد مُدَّة أطول في وجه العقوبات الاقتصادية مهما تظاهرت بذلك أمام الحُلفاء والأتباع، فهي سترضخ حتماً إمَّا بتغيير سلوكها العدائي- وتوقفها عن أطماعها التوسعية وتدخلاتها ودعمها للمليشيات والأحزاب والجماعات الإرهابية - وهو الأمر الذي يدعو إليه الجميع وترغب فيه دول الخليج، أو أنَّ العقوبات ستضغط أكثر على الداخل الإيراني ليكون «فرس الرهان» بجعل طهران أمام «استحقاقات شعبية» سئمت من تحمّل تبعات «النظام» في كل مرَّة، ومع كل أزمة.
وعلى دروب الخير نلتقي.