يوسف المحيميد
لم يظهر وزير الخارجية الأمريكي بومبيو ويتحدث بهذه الثقة وهو لا يملك الأدلة الكافية على تورط إيران في تفجير الناقلتين في بحر عمان يوم الخميس الماضي، فمقطع الدقيقة والأربعين ثانية الذي سجل زورق بحارة إيرانيين يدعم هذا الموقف، وحتى لو كانت اللقطة لإزالة اللغم الذي لم ينفجر، يبقى التساؤل لماذا سارعت إيران بإزالته، وأين اختفى هذا الدليل القوي عليها؟ لماذا لا تعلنه أمام الملأ إذا كان لغمًا ليس من مخازنها وترسانتها القذرة؟.
ولعل أغرب التحليلات الساذجة هي ما يثيره الإعلام المعادي بأن إيران تبحث عن السلام، وأنه لا يوجد سبب يجعلها تشعل الفوضى في الممرات المائية (رغم أنها فعلت ذلك في الوطن العربي بشكل مباشر وعبر وكلائها منذ عام 2011)، لذلك أليس الحصار الاقتصادي سببًا كافيًا؟.. أليست تعاني من وضعها الاقتصادي المتردي منذ فرض العقوبات عليها؟ ومنع تصدير بترولها إلى عملائها، وهو مصدر اقتصادها المهم؟.
هل بعد كل هذا العمل المنظم منذ 1979، وحربها القذرة ضد الخليج، وإثارة الفوضى والهمجية في مواسم الحج، وخلق أذرع عسكرية لها في دول عربية، وخوض حروب عربية من خلال وكلائها، وبرامج التدريب العسكري لهم، ودعمهم بالأسلحة، وتبجح مسؤولين حكوميين فيها بأنهم أسقطوا العاصمة العربية الرابعة، بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية، وسقوط صنعاء، هل بعد كل هذا، هناك من يشكك في نوايا إيران وأطماعها التوسعية ولو بنسبة 1 بالمئة؟
رغم كل هذا، ورغم استقطاب إيران للإرهابيين على أراضيها، ودعمها للميليشيات الانقلابية، وزعزعتها لأمن المنطقة، وتجاوزاتها العلنية على جيرانها العرب، والعبث في شئونهم الداخلية منذ أربعين عامًا، رغم كل ذلك، ورغم أنها اللغم الذي لم ينفجر بعد، سيدرك العالم يومًا أن ما يحدث من زعزعة لأمنه، وتقويض لاستقراره، في محوره الأهم، وهو الشرق الأوسط، هو بيد فئة متشددة تملك حرسًا ثوريًا، تحركه في كل مكان، تلك الفئة التي اختطفت الحكم في إيران منذ أربعين عامًا، وأقصت أي عقل مستنير فيها، يبحث عن السلام واحترام المواثيق الدولية.