يوسف المحيميد
تابعت ردود الأفعال القوية والساخرة على تصريحات وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، التي تحدث فيها عن أولوية العمل للعامل اللبناني مقابل جنسيات أخرى في لبنان، عددها ومنها الجنسية السعودية، مع معرفة العالم، ووفق إحصاء البنك الدولي، أن عدد اللبنانيين في المملكة يبلغ 811 ألفا، يحولون سنويًا 6.8 مليار دولار، وتتصدر المملكة قائمة الدول المصدرة لتحويلات العمالة اللبنانية بالخارج بما يشكل 20.3 من إجمالي تحويلات اللبنانيين خارج لبنان.
ألا يفكر وزير خارجية، تنتفع بلاده بهذه المكتسبات الضخمة من دولة شقيقة، من إثارة أزمة دبلوماسية هم في غنى عنها، أزمة ترتفع على أثرها معدلات البطالة في بلاده؟ ألا يراجع نقاط حديثه أو ثرثرته قبل أن يقف أمام الملأ ليوهم الناس البسطاء أن العمالة السعودية والفرنسية والأمريكية في لبنان تأتي أهميتها بعد العامل اللبناني؟ فهل يصدق عقل أن فرنسيًا جاء بتأشيرة عمل في مطعم لبناني في بيروت؟ وهل هناك عامل سعودي يعمل في بلد عربي مع احترامي لكافة الدول العربية؟ نعم قد تعمل كفاءات سعودية مميزة ونادرة في دول أخرى، لكن ليس عمالا يا سيادة الوزير، بل خبراء ومبدعين، فما الذي جعله يحشر السعودية بسوريا وإيران وغيرهما؟ هناك من السياسيين الذين لا يقرأون الواقع بشكل جيد، وفي التاريخ القريب أمثلة كثيرة، فماذا كسب الراحلان علي عبدالله صالح وياسر عرفات وغيرهم من اصطفافهم في خندق صدام حسين أثناء احتلال الكويت؟ ماذا كسبوا بالوقوف ضد السعودية والكويت ودول الخليج والحلفاء من الأصدقاء؟ تورطوا بعودة ملايين العمالة إلى بلدانهم، مقابل مواقف سياسية ساذجة وغير عقلانية، وها هو وزير الخارجية اللبناني يورط بلاده بتصريح مجاني، لا قيمة له، في وقت يعاني لبنان من البطالة وانخفاض موارد الحكومة وغيرها من المشكلات العميقة التي يدركها المواطن اللبناني جيدًا.