علي الخزيم
لا يلام شعب المملكة العربية السعودية بحب قيادته المخلصة الساهرة على مصالحه ورغد عيشه ورفاهيته، الساعية بكل جهد وطاقة لأمنه واستقراره وطمأنينته، المحققة لتطلعاته وآماله، في كل محفل وموقف ومؤتمر ولقاء تجد القائد الملهم يملأ المكان حضوراً وحكمة، وشخصية جاذبة (كاريزما) بما تملكه من رجاحة العقل وإضفاء المنطق والواقع بالحوار ومعالجة القضايا المطروحة، لا تغليب لمصالح ومكاسب ذاتية على مصالح الأشقاء أو الدول الصديقة، ولا إغضاءً عن الأمن والسلم الدوليين ولا عن كل ما من شأنه رفاهية الشعوب، هؤلاء هم حكام مملكتنا الحبيبة مثلما يحبون الخير لأوطانهم يحبون الخير للجميع، يَصْدُرُون بذلك مما تحلوا به كابراً عن كابر من سمو الأخلاق والنبل وعلو الهمم، ومستمدين أعلى السجايا من شيم أجدادهم العرب وأصالتهم الباقية بعون الله بالحفاظ عليها بمثل هذه السيرة الحميدة الراقية المتحضرة.
الحديث الصحفي الذي أدلى به صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان عبَّر عما يريده شعب المملكة الذي يقف خلف قيادته أميناً صادقاً منافحاً عن قضاياه ومصالحه الإقليمية والدولية، ومساهماً ببناء وتطوير الحضارة العالمية بكل معطياتها الواقعية العقلانية التي تصب بصالح سكان الكوكب، وأثبت سموه من خلال تناوله القضايا الآنية بحديثه الأخير لصحيفة الشرق الأوسط أنه زعيم عربي حاز أقطاب السياسة والدبلوماسية وحكمة التعاطي مع الأحداث؛ لا يلمس المتابع لحديث سموه الاندفاع أو تجاوز الواقع ولا مخالفة المنطق لتفسير الأحداث والوقائع الجارية أو المستقبلية، التروي والأناة خصلتان ظاهرتان بذات سموه، أكدها منطق سموه السليم ورصانة حديثه وتخريجه للأمور، لا تجد بحديثه -حفظه الله- تلك المبالغات والعنتريات التي تسمعها من بعض حكام المنطقة وهم يعلمون قبل غيرهم أنهم أقل من أن يفوا عملياً بما يقولون من هرطقات وأراجيف يتشدقون بها بكل مناسبة، وكلما ضاقت بهم الأرض وتكالبت عليهم القوى والظروف.
حينما يقول سموه: لا نريد حرباً؛ ولن نتردد في التعامل مع أي تهديد، فإن سموه -أيده الله- يبدي أقصى حسن النوايا؛ ويثمن العواقب التي تؤول إليها المصادمات، ويقدر حجم الخسائر بتنوعها على شعوب المنطقة وهو ما لا يريده لشعبه كما لا يريده للغير، وهو نهج الإسلام النقي، ومن أسمى المبادئ المتوارثة من سجايا العرب الأقحاح، فما للجار والأخ والصديق غير الوفاء وحماية الذمار والتسامي عن العار، غير أن العربي حينما تعتدي عليه عامداً محتقراً ذاته وكرامته وقدراته، فإنه يفعل ما بوسعه لحماية حدوده وثغوره ومقدراته ويجاهد لحماية الأنفس والأعراض، ولا تهدأ نفسه ويطيب خاطره حتى يكسر تعالي المتغطرس الظالم وإعادته لحجمه ومحيطه اللائق به، وتبرز حكمة القائد الفذ ومدى درايته بخفايا عدو العرب والمسلمين الصفوي الفارسي حينما قال معلقاً على الأحداث الأخيرة؛ وما تمارسه العصابة الخمينية الحاكمة بإيران: (المشكلة بطهران وليست بأي مكان)!
ليس المراد هنا تتبع النقاط المهمة بحديث سمو ولي العهد؛ فكل سطر فيه يحمل من الأهمية ما يلزم التوقف عنده والإفاضة بالحديث عنه وتأمل مضامينه؛ ذلك أنه إذا تحدث زعيم كسموه يلتفت العالم بأسره اهتماماً.