سمر المقرن
إحساس الإنسان بالأمان يأتي ضمن أهم أركان العيش السليم، ينتج عنه الشعور بالامتنان والتعامل مع الحياة بأن كل ما فيها من حولنا هي نِعم من رب العالمين تحفنا بالهناء والراحة. رأيت هذا وأنا أقرأ نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة YOUGOV البريطانية المتخصصة بإجراء الدراسات والاستطلاعات على الأسواق في دول العالم، حيث أظهرت النتائج لآخر استطلاعاتها أن السعودية تأتي في المركز الثاني بعد أمريكا من حيث رضا مواطنيها على أنهم يعيشون في أفضل بلد بالعالم، وذلك من بين 19 بلداً شملها الاستطلاع.
النتيجة لم تكن مفاجئة أبداً، فالإنسان الذي عاش خارج المملكة يدرك جيداً الفروقات الجوهرية بين أي بلد آخر والمملكة، من حيث أبسط الخدمات إلى أكبرها، ولعل وجود الوافدين في المملكة وبقاءهم سنوات طويلة في هذه البلد وعدم رغبتهم في تركها هو من أهم مؤشرات الشعور بالرضا.
كما أن الحياة في السعودية الجديدة تغيرت تماماً عن السابق، هذا التجديد وإعادة هيكلة الفكر المجتمعي، جميعها عوامل مهمة في ارتفاع معدل هذا الشعور الإيجابي لدى الناس.
إن الشعور بالرضا هو بوابة السعادة التي تجلبها الطمأنينة والراحة، على عكس الشعور بالسخط الذي يبني داخل الإنسان جبلاً من الحقد والكراهية التي تدمره وتجعل منه إنساناً لا يقدر على استشعار التفاصيل الجميلة، والنظرة إلى كل ما من حوله بعين الرضا.
القدرة على التأمل، هي مهارة ليست موجودة لدى الجميع، لكن من السهل اكتسابها بعد إعادة تشكيل الإنسان في داخله إلى أرض مسطحة بعيدة عن نتوءات المشاعر السلبية، هنا يكون بإمكانه الدخول في حالة التأمل اللذيذة، تأمل النِعم وأفضال الله -عز وجل- علينا.
أضف إلى ذلك، أن الطريق السالك إلى كل هذه المراحل في التجلي الداخلي، هو الشعور بالقناعة، عندما يُدرك كل منّا أن الحياة لن تكون كاملة، ولن نجد كل ما نتمناه أو نبحث عنه، لأن النفس الإنسانية لا تشبع، ودائماً تطمح بالأكثر، لذا الوصول إلى القناعة يحتاج إلى تدريب الإنسان لنفسه بالرضا، وأن ما لديه ولو كان قليلاً يكفيه. وأن بإمكانه العيش حسب ظروفه وأوضاعه وتكييف نفسه حسب هذه الظروف دون النظر إلى الآخرين وإيقاد مشاعر الحسد تجاههم لأن لديهم ما ليس لديه، فهذه المشاعر لن تدمر أحداً سواه!