د.مساعد بن عبدالله النوح
الإجازة الصيفية أو إجازة نهاية العام الدراسي، هي الفترة المحبّبة التي ينتظرها الوالدان وأبناؤهما بعد قضاء شهور طويلة في الدراسة المنتظمة والمذاكرة والاختبارات، وهي حق من حقوق الطلاب للاستراحة والاسترخاء، وقد يتمتع الأبناء بهذا الحق بطرق غير تربوية يترتب عليها اكتسابهم عادات غير مرغوب فيها، والأخطر أنها تستمر معهم إلى ما بعد انتهاء الإجازة، مما يؤدي إلى انعكاسها سلبًا على سلوكهم مع بداية عام دراسي جديد.
ومن هنا تظهر الحاجة إلى التخطيط الأسري للإجازة الصيفية، إذ يعد مطلبًا مهمًا للأسر في الإجازة الصيفية؛ لأنها من المواسم التي يُفترض أن تزخر بحزمة من الإنجازات الأسرية المقصودة. لكن يلاحظ أن عددًا من الأسر تعد الإجازات الصيفية موسمًا للتصرف بحرية وأريحية وقلة اكتراث، وهذه الحال تجعل مواسم الإجازات تأتي وتنتهي دون تحقيق أعمال ذات جدوى وقيمة. ومن المهم أن يكون التخطيط موثقًا حتى لا تكون جهود الأسر محل المحاولات العرضية، وهناك عُرف يؤمن به كثير من الناس الفاعلين في بيوتهم، وهو أن أصحاب التخطيط والأهداف المكتوبة، يصلون إلى أهدافهم بأقل الجهود والإمكانات، على خلاف الذين لا يكتبون أهدافهم، فإنهم يصلون إليها ببذل جهود أكثر وتجنيد إمكانات أعلى وعوائد أقل، فكيف بالذين لا يخططون أصلاً، ولا يحاولون وضع الأهداف.
وتنتشر ممارسات أجزم بأن الأسر لا تريد أن تلاحظها على سلوك أبنائها في الإجازات الصيفية، ومنها:
- التصرفات غير المحسوبة، وهذا سببه غياب خطة واضحة للأنشطة التي يُفترض القيام بها خلال الإجازة، وهذه مسؤولية الأب والأم، بحيث تتضمن الأنشطة التي تتناسب والسمات الشخصية لكل واحد من أبنائهما، التي يفترض ممارستها أثناء العطلة الصيفية، كما تتضمن بعض الآليات لممارستها؛ بقصد الحد من الإصابة ببعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب وإشغال الأبناء من التفكير بالأمور السلبية كاتباع رفقاء السوء، ومنع زيادة المشاحنات والاضطرابات الأسرية.
- الانصراف التام عن القراءة النافعة، وهذا بسبب قلة التوجيه لها، وهذه مسؤولية الوالدين، إذ يعتني كل منهما بتوفير الكتب والمجلات الهادفة أو التعريف بها؛ لأن المطالعة من الأنشطة التي تجمع بين المتعة والفائدة.
- إهمال متابعة البرامج التعليمية التي يتم عرضها على القنوات الفضائية، أو على شبكة الإنترنت. والدورات التدريبية والندوات والأنشطة الثقافية التي تقيمها الجامعات والأندية الشبابية والملتقيات المعروفة والصالونات المصرح بها.
- ضعف ممارسة التمارين الرياضية، على اعتبار أن الإجازة للاسترخاء والراحة وليس لتنشيط الجسم والاستمرار في حيويته.
- الخوف من المشاركة في الرحلات الترفيهية، وهذا تصرف بعض الأبناء، حيث تلجأ بعض الأسر إلى منع أبنائها من المشاركة الفعالة في الزيارات والرحلات التي تقيمها بعض مؤسسات الدولة.
- اضطراب ساعات النوم؛ فتحويل الليل نهارًا والنهار ليلاً وزيادة ساعات النوم تزيد الشعور بالكسل، وتضيّع الوقت بلا فائدة.
- التذمر المستمر من البيت، وهذا سببه مقارنة الأبناء أو بعضهم بالآخرين الذين خططوا للسفر في الإجازة الصيفية سواء من الأقارب أو الأصدقاء أو زملاء الدراسة؛ بقصد إشعار الوالدين بعجزهم عن تسفيرهم. أو بسبب سوء أحوال الطقس.
لقد توصلت كتابات عن الفراغ أن الأطفال والشباب هما أكثر الفئات العمرية التي تتذمر من أوقات الفراغ، لذا على الوالدين واجب مهم في الإجازات الصيفية ويتمثل في: الاقتراب من أبنائهما، والتعرف أكثر على سماتهما الشخصية، ومشكلاتهما، واهتماماتهما، والعمل على مواجهتها بصور مناسبة تسهم في تطوير شخصيتهما.
إن واجب الوالدين في تنظيم البرنامج اليومي لأبنائهما خلال الإجازة الصيفية من الواجبات المهمة، حيث تتم مساعدتهم على تحديد وتنمية هواياتهم المختلفة وممارستها، مثل: الرياضة، والمطالعة، والرسم، والكتابة، والالتحاق بالدورات والرحلات والمشاركة في الأعمال التطوعية، والسفر بصحبتهم للترفيه عنهم مع الحفاظ على القيم الإسلامية وغيرها. وزيارة الأقارب برفقة الأبناء، لتشجيعهم على تنمية العلاقات الأسرية والاجتماعية. وتشجيع الأبناء على مساعدة الأهل في الأعمال المنزلية المختلفة؛ لغرس روح التعاون لديهم وتعويدهم على تحمل المسؤولية، وتشجيعهم على الاعتماد على أنفسهم. والتوجيه إلى البرامج التعليمية المفيدة في الأجهزة اللوحية. ومن المهم تخصيص الوالدين نصيبًا كبيرًا من أوقاتهم لمشاركة أبنائهم أنشطتهم في العطلة الصيفية.
كما أظهرت كتابات أن هاتين الفئتين أكثر الفئات العمرية زيارة للمواقع الإلكترونية، وقد تتعرضان للعديد من البرامج التي قد تهدم الفضيلة، لذا على الوالدين التحذير منها ومناقشة الأبناء عن محتوياتها؛ لكسب ثقتهم وتعويدهم على مهارات الحوار الأسري، وتصحيح المعارف المكتسبة من هذه المواقع.
فما أجمل أن يقيم البيت مسابقات ثقافية للأبناء خلال الإجازة الصيفية عن موضوعات مختلفة مثل ختم القرآن الكريم كل شهر، وقراءة كتاب مفيد، وكتابة قصة قصيرة، أو إعداد تعبير عن معلم تاريخي أو شخصية مؤثرة. وتوزيع مسؤوليات البيت عليهم. وتكوين لجنة تحكيم من الأب والأم والأخ الأكبر أو الأخت الكبرى؛ لفحص الجهود، وفي نهاية الإجازة يتم عمل حفل صغير، يوزع الأب فيه جوائز عينية أو نقدية رمزية لكل واحد من الأبناء يحقق إنجازًا أو أكثر، وينشر في حساب الأسرة في تويتر أو الانستقرام أو السناب شات.