رقية سليمان الهويريني
لا أجد سببًا منطقيًا لرفض بعض الفئات إقامة هيئة الترفيه حفلات غنائية في منطقة القصيم برغم أنها جزء من مملكتنا الغالية! حيث بدأت أصوات تنادي بالإنكار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لرسم صورة نمطية لمنطقة القصيم تتسم بالقداسة والخصوصية وأنها لا تشبه المناطق الأخرى! حيث يتصف أهلها بالتدين ورفض كل أشكال الحفلات. وحينما نفدت تذاكر الدخول أشيع أنه تم توزيعها على الشباب، وعندما غصت المدرجات بالجمهور زعم البعض أنهم قد احضروهم من مناطق أخرى!
ومن عاش في القصيم أو عاشر أهلها يعلم أنهم أصحاب دعابة ومرح وانفتاح وتقبل للآخر والتعايش مع جميع الأجناس والملل! ولكن الصحوة دمرت كل أشكال الترفيه وأبدلته بالشحوب وعزته للفسوق ورفض الفرح وتداول أحاديث الموت والفناء!
والحق أن لا أحد يُلزم بحضور الحفلات الغنائية ومباراة كرة القدم وسباق الخيول، وباقي الأنشطة، وهي خيارات شخصية، إلا أنه من الضرورة وجودها كونها جزءًا من الثقافة الاجتماعية لكل بلد، وما يفعله البعض من تنمر على من يحضر أو يشارك هو من باب العنف الاجتماعي والاستبداد.
ومما يثير الاستغراب أن فئة كبيرة من المنكرين المستشرفين يرفضون إقامة حفلات في مناطقهم استجابة للضغط الاجتماعي بينما يسافرون لحضورها سرًا في بلدان أخرى ويصرفون الأموال لأجل حضور حفلة غنائية، ولكنهم لا يستطيعون مواجهة مجتمعهم، وهي لحظة تخاذل يعزوها البعض أنها ابتلاء يوجب الاستتار!
إن أسلوب الوصاية المتمثل بإلزام الناس الإنكار والانضمام للقطيع أصبح مرفوضًا، واستغفال الناس بقبول أفكارهم البائدة صار عصيًا، لذا باتت حواجز الممانعة قصيرة وهشة!
وحتى لا نخلط الأوراق؛ فإن استخدام عصا الدين لزجر الناس وتدجينهم هو أحد أسباب سقوط أعمدة الصحوة وتهاويها، لأن الدين يسر، ولا يشاحن الإسلام أحدًا إلا غلبه، فهو دين التيسير والرحمة وعدم الغلو.