محمد سليمان العنقري
صدرت موافقة الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي على منح المملكة العربية السعودية مقعدًا لديها لتكون بذلك العضو رقم 39 فيها وهي أول دولة عربية تحصل على هذه العضوية في المنظمة الأهم والأولى في العالم التي تعنى «بإصدار المعايير والسياسات وأفضل الممارسات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح».
فهذه المجموعة تأسست عام 1989م وهي تحتفي هذه الأيام بمرور 30 عامًا على انطلاقتها، فمكافحة غسل الأموال بات همًا دوليًا مؤرقًا وتشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى أن حجمه يقارب تريليوني دولار أمريكي وهو رقم ضخم جدًا يوضح مدى تغلغل هذه الأموال في الاقتصاد العالمي، فالتطور الذي سهل من تحويل الأموال ويسر الاستثمار في العالم كان من ضريبته القدرة على دخول الأموال القذرة في الأسواق العالمية وهو ما يمثل خطرًا كبيرًا على الأمن والاستقرار للاقتصاد الدولي وكذلك جهود مكافحة الإرهاب التي تعتمد بشكل أساسي على تجفيف منابع تمويل الأعمال الإرهابية ومن يقف خلفها.
ويمثل منح المملكة عضوية هذه المجموعة تأكيدًا دوليًا على ما قامت به من جهود وعمل دؤوب في تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وذلك بعد أن تمت دعوتها كمراقب في عام 2015م ثم أنهت عملية التقييم المتبادل في عام 2018م ويتضح من خلال هذا الانضمام أن جهود المملكة كبيرة ومقدرة دوليًا في واحد من أكثر الملفات حساسية في العالم، فمكافحة غسل الأموال وتجفيف منابع تمويل الإرهاب هي هاجس دولي فمثل هذه الأعمال تهدد الأمن والسلم الدوليين وليس الاقتصادي فقط، فكون السعودية هي الدولة العربية الوحيدة في المجموعة حاليًا فهذا يعني تواصلاً جغرافيًا دوليًا يغطي جميع القارات والمناطق لعمل المجموعة مما ييسر تبادل المعلومات والخبرات ويرفع من مستوى معايير مكافحة الأعمال المالية المشبوهة في منطقتنا عمومًا ويخدم أيضًا توجهات المملكة نحو بناء اقتصاد مزدهر ويكون النظام المالي والاستثمارات دائمًا تحت الرقابة من قبل الأجهزة المحلية المعنية وفق أفضل الممارسات لتكون إضافة مهمة للاقتصاد الوطني ويمنع مرور أي أموال مشبوهة في عالم التقنية الحديثة والتعقيدات التي أفرزت طرق تحايل وتلاعب دولي معقدة في مجال غسل الأموال مما يتطلب جهدًا مضاعفًا وعلاقات دولية على أعلى مستويات التنسيق وتبادل المعلومات والخبرات للحد من الأعمال المشبوهة.
جهد كبير بذلته المملكة عبر أجهزتها الحكومية المعنية وتطور النظام المالي فيها وكذلك التقدم في الأنظمة والقوانين التي تكافح هذا النوع من الجرائم لتكون واحدة من أفضل الدول في مكافحة غسل الأموال عالميًا وتوج هذا الجهد بمنحها مقعدًا دائمًا بهذه المجموعة التي تعد مرجعية دولية في مجالها وتنضم لها أكثر الدول تقدمًا في معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب طاعون العصر الحالي.