رمضان جريدي العنزي
للشيوخ والأعيان أدوار مهمة في بناء المجتمع وتوجيهه نحو مصابات الخير، وطرق الهدى والصلاح، والفعل القويم، والعمل المفيد، وحل المشكلات والمعضلات، نظراً لمكانتهم المرموقة، وكلامهم المسموع في تلك المجتمعات التي ينتمون لها، وذلك من خلال العقل الراجح، والبصيرة الثاقبة، والحكمة البالغة، والأفق الواسع، وبعد النظر والهدوء، وإدراك حجم المسؤولية والأمانة، بعيدًا عن العاطفة والتحيز والتعصب الأعمى والتعالي والجلوس في الأبراج العاجية والانطواء مع ثلة محدودة، بل بتفعيل العمل، وتوسيع التفاعل مع أفراد المجتمع كافة صغيرهم وكبيرهم، وتقبل الآراء والطروحات والنقاشات، والأخذ بالنصيحة الطيبة، والمشورة الحسنة، أن الحكماء أصحاب الرؤى الثاقبة من الشيوخ والأعيان ووجهاء المجتمع هم من يحسنون جمع الكلمة، والسعي إلى الخير، ووأد كل فتنة ومصيبة، وإصلاح ذات البين بين الناس بحكمة وعقل وحنكة وتروٍ، بعيدًا عن العجلة والتفرد والانفراد، أن شيوخ وأعيان ووجهاء المجتمع هم الذين يشاركون مجتمعاتهم بشكل متواصل، وتفاعل كامل، وديمومة تامة، وبأسلوب وسلوك قويم حضاري ورشيد يشبه حامل المصباح الذي ينير الطريق لنفسه ولمن حوله، ويكون أثره وفعله حاضرًا وبارزًا في المهمات والواجبات والمسؤوليات، إن بذل الجهد والسعي والحراك الدائم النبيل والحضور من أوليات ومسؤوليات الشيخ والعين والوجيه، ويحدث أثراً ملموساً، ونتيجة باهرة، أنهم يملكون القدر والمنزلة والمقام، وبناء عليه فإن دورهم يجب أن يكون فاعلاً ومميزاً في قيادة أفراد مجتمعاتهم في الحياة العامة، وتوجيههم والتأثير فيهم، وتعزيز العلاقات الأخوية بينهم، في الصلح وفض الخصومات، وتقريب وجهات النظر، والتوفيق بينهم، وإزالة كل مظاهر الخلاف والاختلاف، وبناء جسور للعلاقات الطيبة بينهم، وخلق حالة من التواصل الدائم معهم، بعيدًا عن النرجسية والذاتية والانكفاء في دائرة ضيقة، ومحيط صغير، إن التفكير بالأسلوب العقلاني، وإتقان فن الحديث وإدارة الحوار معهم، واستخدام الحجج المنطقية، والقدرة على الإقناع، واحترام آراء الآخرين، والحفاظ على الهدوء وعدم الغضب، حتى في أشد المواقف التي تثير الغضب، تسهم جميعها في تعبيد الطريق أمام الشيخ والعين والوجيه لإبراز شخصيته، وحنكته في التصرف، واتخاذ القرار المناسب، فكثيراً ما نجد أن أصحاب هذه الصفات هم أصحاب الحضور والفعل القويم والموقف المتميز، إن دورهم مهم فيأليف النسيج الاجتماعي وترابطه واستقرار منظومة القيم به إلى جانب جهودهم في دعم حركة التنمية التي يشهدها وطننا الكبير، إن دورهم كبير أيضًا ومهم وحيوي في مواجهة دعوات الهدم والخراب التي يريدها لنا الأعداء، وأمام هذا الوضع تبرز الحاجة لأن يكونوا يقظين تمامًا، وأن يفعِّلوا العمل والقول والحضور، وأن يكون الصوت الوطني عندهم حاضرًا وقويًا ودائمًا، من أجل مواجهة دعاة الفتنة والخراب والضلال والاستهتار، الذين لا يريدون لنا سوى الشتات والتشرد والتوجس والظمأ والحرب والاحتراب، ومن أجل حماية الوطن والمواطن والكيان الكبير والوحدة الوطنية الفريدة التي صنعها لنا المؤسس - غفر الله له ورحمه - ومن أجل الكرامة والرخاء والاستقرار والأمن والأمان ورغد العيش الذي نعيشه ونهنأ به في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله ورعاهما وسدد إلى الخير خطاهما، إن المشيخة والعين والوجاهة تحتاج إلى فعل وتفاعل وتضحية، وعمل دؤوب، وجهد كبير، وعطاء مميز، وليست مجرد اسم ولقب وهندام وحضور مناسبة.