فهد بن جليد
محو «الأمية الرقمية» استراتيجية تعمل عليها العديد من المُجتمعات الإنسانية الأكثر تقدماً، لناحية تعريف المُسنين بوسائل التواصل الاجتماعي وضرورة الانخراط فيها بشكل آمن حتى لا يشعروا بالوحدة والعزلة، ولعلَّ دراسة مُشتركة قامت بها جامعتا «نيويورك وبرينستون» لتحليل نسبة «الأخبار المزورة» أثناء الانتخابات الأمريكية عام 2016 أكَّدت تداولها «سبعة أضعاف» بين مُستخدمي وسائل التواصل ممن تجاوز «الخامسة والستين» من العمر، وللأسف لا توجد «دراسة عربية» -حتى الآن- توضح هل المُسنون العرب يُشاركون أصلاً في هذه الوسائل أو يتعاطون معها؟، وإن كانت وسائل شفهية جديدة مثل «سناب شات، تكتك، وغيرهما» تشهد مُشاركات خجولة من رجال ونساء تجاوزوا «الخمسين عاماً»، يُقابلها رفض مُبطن وإقصاء على شكل تهكم أو سخرية من بعض الفئات لهذه المُحاولات للشهرة أو لنقول مُحاولات إيصال الصوت والتعبير عن الذات و»التعصرُّن» - من «العصرَّنة» إن جاز لنا التعبير.
النُسخ العربية من برامج المواهب التلفزيونية نحت منحاً تجارياً في المسألة، عندما بدأت في استقطاب مشاهير جُدد على الشاشة ممَّن تجاوزوا سن «الخمسين»، تبدو الفكرة غريبة بعض الشيء، ولكنَّ برامج عديدة -غير عربية- عرفت مُنذ سنوات العديد من المواهب المدفونَّة عند من تجاوزوا هذا السن، ومازال أمامهم فُرصة لاكتشافها وصقلها وإخراجها والتكيف مع موضة العصر ومُتطلبات الشهرة، وسط قبول مُجتمعي هناك، تجربتنا قديمة ففي قائمة الفنانين العرب هناك أكثر من عشرة من المشاهير الذين دخلوا الفن «مُمثلين ومطربين «ليحققوا شهرة عالية بعد «الخمسين» أمثال «حسن حسني، بيومي فؤاد، لطفي لبيب وآخرون» بل إنَّ القصص العالمية المُلهمة للكثير من القادة الناجحين والاقتصاديين تروي لنا كيف حقق هؤلاء نجاحاتهم وأهدافهم وشهرتهم في «الستين والسبعين» من العُمر، ولعلَّ أحد أشهر هؤلاء هو «كولونيل ساندررز» الذين نجح بعد «الخامسة والستين» في إطلاق سلسلته الشهيرة «كنتاكي» التي تُعد اليوم من أشهر المطاعم في أكثر من 100 بلد، وكذلك صاحب مصنع سيارات «فورد»، ويمكن الاستزادة بتفاصيل أسماء أخرى وتجارب نجاح.
العجوز الياباني «سلفر تتسويا» يُجسِّد اليوم قصة الشهرة بعد سن الـ84 عاماً، عندما تحوَّل لأحد أشهر «عارضي الأزياء» في اليابان بعد أن نشر له حفيده صور «بملابس عصرية»، جعلت خطوط الموضة تتسابق نحوه للترويج لمُنتجاتها، لذا لا تستغرب «موضة» تصوير بعض مشاهير التواصل الاجتماعي لدينا لأمهاتهم، و«التميلح» بمُشاركة يومياتهم لأهداف مُختلفة وبتفاعل جميل ومقبول من البعض، فلربما نشهد قصصا مُثيرة «لمشاهير جُدد» لم تتساقط أوراقهم في «خريف العمر» دون أن يعلم أحد؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.