عبد الله باخشوين
لقيت عند ابني فاروق في (مالبورن-أستراليا) كلبًا من نوع (صغير- ما يكبر).. ولإلغاء أو تخفيف حجم خوفي من (الكلاب) الذي أحمله من طفولتي.. أيام كلاب الحارة.. التي طاردتني أكثر من مرة وكادت تقطع أنفاسي.. والتي كان آخرها على (كبر).. عندما كنت وإبراهيم الفوزان وعبدالله غنيم نتسكع في نواحي (شهار) ذات عصر صيفي طائفي جميل.. وأمامنا -غير بعيد- أحد (الخواجات) مع كلبه.. وانحنى بهدوء وأطلق (الدوق) من السلسلة.. فأخذ يركض بسرعة متجها نحونا -دون قصد- ولكن كردة فعل طبيعية لتحرره من القيد.. وما أن رأيته متجهًا نحونا حتى ثار في كل كياني خوفي القديم من الكلاب،
فاستدرت وأخذت أركض هرباً منه ولكنه تبعني.. وأخذ يركض خلفي إلى أن أكملت التفافي وأمسكت بـ(الخواجة) وأصبحت خلف ظهره.. وأنا أقول من خلال أنفاسي المتقطعة: (امسك الكلب.. أنا فوجه الله) وتوقف الكلب بشكل طبيعي والخواجة يطبطب عليه ويقول له مستحسناً: (قُد بوي… قُد بوي).
وضحك علي (العيال) في ذلك اليوم الذي لم أنسه قط وبقي تساؤلهم يطن في رأسي: (ايش اللي خلاك تفكر إنه جاي عليك.. واحنا كلنا ماشين سوا؟).. قلت لهم: (خوفي من الكلاب يا……).
وفي مواجهة كلب مالبورن وهو معي داخل المنزل مايبدد كل خوفي (تقريباً) سوى الاستعانة بنصائح ابني الأصغر (حكم) الذي درس هناك ويجيد التعامل مع مختلف أنواع الكلاب.
-هاه يا حكم.. آيش أسوي؟! ضحك وقال:
-اتصاحب معاه... و..(يا ولد قول كلام ثاني) قال مؤكدًا:
-والله يابويا.. هذي أحسن طريقة للتعامل مع الكلاب…و… (كيف أتصاحب معاه؟.. هات الطريقة)
قال ببساطة:
-كل قدامه.. ولما يطالع فيك.. اعطيه من أكلك.. يصير ما يسمع فيك…و… (وإذا جا يتلحوس فيه)
قال:
-طنشه.. بس لا تقطع عنه الهدية... وبعدين تصير تقدر (تشوته) إذا ضايقك…و… (يعني أعتمد يا حكم؟)
قال منهياً الموضوع:
-اعتمد!!
وبعد عدة (تجارب) أدركت أن كلام حكم صحيح.. لكنه تسبب لي في (مشكلة) أخرى.. فما إن يراني آكل أي شيء.. إلا وأجده مقبلاً.. وفي أحيان كثيرة لا يكون ما (ألوكه في فمي) صالحاً للكلاب.. فأصرخ فيه مهددًا:
-(امشي يا كلب يا ابن الكلب).
أخذت أرددها كـ(شتيمة) عدة مرات.. إلى أن اكتشفت أنني أمنحه (صفته) وأعيده لأصله.. دون أن يكون في صراخي عليه أي شتيمة.. فاستعنت بحكم..وسألته.. (يا حكم إذا أبغى أسب ابن الكلب هذا آيش أقله؟)
ومضى ضحكة يجلجل في سماعة التلفون.. وهو يقول:
- أما انته يابويا عليك تصانيف…!