رجاء العتيبي
فشلت الجمعيات الفنية، وتحديدا جمعية المسرحيين لأن الزمن ليس زمانها, هي جاءت في وقت متأخر, وقت الإبداع المستقل, كثير من المبدعين لا يحتاجون جهة توجههم ماذا يعملون؟ وكيف يعملون؟ ومتى يعملون؟ ولا يحتاجون مظلة في كل مرة تعيدهم (لسعادته)، في انتظاره أن يأتي, ويوقع الخطاب بالموافقة أو الرفض.
دعوا الفنان يكون مستقلا, لا يريد سوى أنظمة وتشريعات يمشي عليها, فكل فنان: صادق, موهوب, بالضرورة يعي دوره اتجاه مجتمعه ووطنه ولا يحتاج لجمعية تهديه الطريق, خذ جميع الفنانين العالميين الذين أثر فنهم على نطاق واسع, لا يتبعون مؤسسات ولا جمعيات, وإنما يعون دورهم.
لا يبحثون عن منصب, ولا عن مكانة, ولا عن عضوية, ولا عن أموال, كل شيء جاءهم لاحقا بعد أن تأكد تأثيرهم على الآخرين. فنانون أنشأوا مدارس فنية, ولم تحركهم جمعية أو توقيع أو معاملة أو خطاب أو تعميم.
علينا أن نترك للفنانين أن يعملوا مع تقديم دعم لوجستي دائم, لا (يتسوله) الفنان وإنما يأتيه بحب وكرامة من المؤسسات الثقافية, مثل صالة المعارض, قاعات المسارح، والمعاهد والأكاديميات.
الجمعيات عليها أن تبقى (بعيدة) عن الحراك الفني, وتركز على الأنظمة والتشريعات وكفى, وتترك لكل فنان صادق/ موهوب أن يعمل, كيفما يرى هو، وليس كيفما يأتيه التوجيه.
دعوا الفنان يعمل دون أي مظلة مركزية، أو شخص يقول له ماذا يفعل وماذا ينتج, دعوا الفنانين يعملون بدون لجان, هيئوا لهم البيئة والمهرجان والمراسم والصالات والاستديوهات، وسترون أنه يعطي أكثر مما تتوقعون, المؤسسات الثقافية عليها مسؤولية الدعم اللوجستي، وإيجاد الأنظمة.
لا تربطوا الفنان بالمسؤول بشكل مباشر, ولا تجعلوه يبحث عن معارف هنا وهناك حتى يقدم منجزه, هذه ليست بيئة صالحة لتدوير عجلة الإنتاج, بقدر ما تكون بيئة محبطة, تبرز المسؤول على الملأ أكثر من الفنان نفسه, لماذا المسؤولين الإداريين يأخذون أعلى المناصب, وأفضل الرحلات, وأقوى الاجتماعات, وأحلى المكاتب, وأعلى الرواتب, في حين يبقى الفنان متروكا لظروفه, وأحوال الرياح.
لن ينصلح الحال إلا بتطبيق استراتيجية الفنان المستقل, والجماعات الفنية المستقلة, والفرق المستقلة, سواء في مجال المسرح, أو السينما, أو التشكيل, أو الفنون الشعبية, أو الموسيقى, أو النحت, أو التصوير, أو الكاريكاتير, أو الجرافيك, وينسحب ذلك على الفنون الأدبية بجميع أشكالها وألوانها وأنواعها.