فضل بن سعد البوعينين
لم يطل انتظار تحقق وعد «الإقامة الدائمة» الذي أطلقه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إبَّان الإعلان عن رؤية المملكة 2030، رغم المعوقات التشريعية والنظرة التقليدية التحوطية السائدة حيالها؛ والتي كان من الممكن أن تحول دون تحويل الهدف المعلن إلى واقع معيش.
تحقيق أهداف الرؤية؛ وبخاصة البرامج التي تثار الشكوك حول تنفيذها؛ يعزّز المصداقية بالإصلاحات، والوعود الحكومية ويبث روح التفاؤل بالمستقبل. تحاط الإصلاحات النوعية بكثير من الشائعات المحبطة أحياناً، والمؤثّرة على العامة الذين يستعجلون النتائج، ويربطون بين ماضي الوعود الذي لم يخل من تحديات ومستقبل الإصلاحات المنهجية التي جاءت بها الرؤية؛ لذا تحرص القيادة للعمل على محورين رئيسين، الأول مرتبط بإنجاز الوعود تعزيزاً للثقة وتغييراً للنظرة التاريخية المتسببة في إطلاق الأحكام المسبقة؛ والثاني مرتبط بالشفافية التي تتيح للمواطنين باختلاف مستوياتهم الثقافية والمجتمعية معرفة تفاصيل البرامج ومراحل تقدّمها ومخرجاتها النهائية، وبما يمكنهم من الحكم عليها دون تدخل الآخرين، ويجيب على تساؤلاتهم ويبعث في نفوسهم الطمأنينة. ولعلي أتوقف عند مخاوف المواطنين من منافسة الوافدين بنظام الإقامة المميزة، وإمكانية تقلّص فرص العمل التي تسعى الحكومة إلى تعزيزها. وهنا تؤكّد الحكومة أن النظام مخصص لذوي الملاءة المالية القادرين على تحقيق متطلباتها الملزمة؛ وهي أداة من أدوات محاربة التستر الذي ينهش في عضد الاقتصاد ويحرم الخزينة العامة من موارد مهمة، ويتسبب في تسرّب الأموال من الاقتصاد، وينافس المواطنين في جميع القطاعات بطريقة إغراقية تحيط بها الفوضى والفساد من كل جانب. تنظيم وجود الوافدين وممارستهم الأعمال النظامية وفق تشريع شامل يحاكي في مضامينه التجارب العالمية الناجحة، سيعزّز من فرص الاستثمار والعمل ويرفع من كفاءة السوق ويحقق العدالة والإنتاجية؛ وخصوصاً أن نظام الإقامة المميزة مرتبط بالأنظمة الحكومية الأخرى ذات العلاقة بالاستثمار والعمل، ما يعني أنه مكمل لها، لا متعارض معها. كما أن النظام الجديد يعزّز مكانة المملكة في المنظمات الدولية التي اتخذت من نظام الكفالة مدخلاً للهجوم الدائم عليها.
وعوضاً عن تحقيق الأهداف القانونية والمتطلبات الدولية فإن نظام الإقامة المميزة سيزيد من جاذبية السوق السعودية وكفاءتها وزيادة الأنشطة التجارية واستقطاب الكفاءات والقدرات البشرية التي تسهم في تعزيز الابتكار ودعم الاقتصاد ورفع تنافسية السوق وتطوير القدرات البشرية المحلية، شريطة الانتقائية المعزّزة لدقة الاختيار والمراجعة الدائمة للنتائج للتدخل السريع بغية تصحيح الأخطاء غير المتوقّعة وتعزيز المكاسب.
قد تكون العوائد المالية المباشرة على الخزينة العامة من المكاسب المهمة؛ إلا أن المكاسب الاقتصادية الأخرى لا تقل أهمية عنها؛ فأحد أهم المكاسب المرجوة من أنظمة الإقامة الدائمة بمسمياتها المختلفة عالمياً؛ تعزيز الاقتصاد وتحفيز الابتكار واستقطاب رواد الأعمال، وضخ الاستثمارات والمشاركة في إنشاء المشروعات وخلق الوظائف والفرص الاستثمارية الصغيرة؛ ودعم الأنشطة التجارية وزيادة الناتج المحلي، وأحسب أنه من أولويات الحكومة وأهدافها الرئيسة.