فهد بن جليد
الكوريون الجنوبيون يرون أنَّ ما يجمعهم بالسعوديين هي «الرفقة النموذجية والصداقة الصادقة» مُنذ وقت مُبكر وفق المصالح الاقتصادية المُشتركة للبلدين، ودائماً ما يستشهد مسؤولوهم عند الحديث عن السعودية بالمثل القائل «الرفيق قبل الطريق» في تأكيد على ثقتهم المُستمرة والدائمة في المملكة، لذا هم يعوِّلون كثيراً على زيارة الأمير محمد بن سلمان لكوريا الجنوبية والتي لها ثقل خاص، وأهمية كبرى، ويُنتظر أن تعزِّز أكثر من أواصر الصداقة العميقة والمحبة الكبيرة بين الحكومتين والشعبين، وتؤسس لعهد شراكة جديد، فمن لم يزر كوريا من قبل لا يمكنه أن يحكم على حجم الاحترام والتقدير والودُّ الذي يُكنُّه الكوريون للسعودية وقادتها، واعترافهم بموقف وفضل المملكة في دعم الاقتصاد الكوري مُنذ «سبعينات وثمانينات» القرن الماضي، عندما تم منح الثقة للشركات الكورية للمُساهمة في إعمار «البنية التحتية» للمُدن السعودية من خلال العديد من المشاريع الحيوية، وهو ما انعكس إيجاباً على ازدهار اقتصاد كوريا في تلك الفترة، لتشكِّل الأبواب السعودية المفتوحة للكوريين بوابة انتعاش الاقتصاد الكوري وزيادة ثقة العالم فيه رغم كل التحديات والصعوبات، ليصل إلى ما وصل إليه اليوم، فكيف هو الحال وسمو ولي العهد يبدأ هذه الزيارة التاريخية حاملاً معه «ملفات المستقبل» كما هي عادته - حفظه الله- في كل مرة من زياراته ليُبهر الآخرين، ويفتح لهم آفاق الأمل ليُشاركوه حلمه بالأفضل لشعبه وأمته مُرتكزاً على مكانة المملكة الصلبة، وحضورها المُشرِّف والخالد في ذاكرة وتاريخ كوريا.
في أكتوبر 2017 كتبت هنا مقالاً بعنوان «لماذا يحبنا الكوريون ؟» تحدثتُ فيه عن مُشاهداتي في حديقة «بانبوهان فر» في سيول عندما حضر العشرات من أبناء وأحفاد آلاف المُهندسين الكوريين الذين بدأوا الرحلة الأولى وعملوا في السعودية في تلك الحقب الزمنية، وكيف أنَّ ذاكرة أجدادهم وآبائهم تحمل الكثير من الصور المُشرِّفة عن كرم وسماحة وطيبة وحب السعوديين لهم في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، بل واعتراف الأجيال الكورية الشابة بدور السعودية وأثر المشاريع التي نفذت فيها على النهضة التي شهدتها بلادهم، والتشابه الكبير بين العديد من القيم والصفات الاجتماعية والأسرية بين المُجتمعين.
التاريخ يُعيد نفسه اليوم مع زيارة سمو ولي العهد لسيول لتتكرَّر الصورة مُجدَّداً، مع الدور المتوقّع والمُنتظر أن تُساهم به الشركات الكورية الجنوبية في تحقيق رؤية المملكة 2030، مما يعني أنَّ الثقة ستتجدَّد أكثر بين الجانبين في استمرار هذه العلاقة النموذجية الفريدة.
وعلى دروب الخير نلتقي.