عماد المديفر
إلى ما قبل أسبوع بالضبط؛ كانت الماكينة الإعلامية الدعائية لعمائم الشر والإرهاب في إيران، ومعها ماكينة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومن سار في فلكهم من المرجفين في الأرض؛ يتحدثون عما سموه «المؤامرة الكبرى».. وأن لا علاقة لإيران بعمليات استهداف ناقلات النفط السعودية والنرويجية والإماراتية التي جرت في المياه الدولية في خليج عمان مطلع الشهر الجاري، ولا حتى ناقلة النفط اليابانية منتصف هذا الشهر، مرددين أن «لا مصلحة لها في إشعال فتيل حرب الجميع فيها خاسر عدا الأمريكان - بزعمهم -، ولاسيما أنها - أي إيران - أعلنت مراراً وتكراراً براءتها من ذلك»، وأن هناك قوى «خفية شريرة» تريد «إشعال نار الفتنة» بين إيران «البريئة» من وجهة نظرهم، وجيرانها.. وأن هذه القوى «الشريرة الماكرة» تعمل على تصوير النظام الإيراني كما لو كان «بعبعاً»، فيما هو جار، يمد يده للسلام مع جيرانه في الإقليم!
بالأمس فقط تغيَّرت النغمة.. بل انقلبت رأساً على عقب! في تناقض مضحك، وشر البلية ما يضحك! فهذا الإعلامي الفلسطيني عبد الباري عطوان بعد أن كان يتزعم تلك الأصوات التي كانت تردد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يدفع باتجاه الحرب، والزج بدول المنطقة في أتون مواجهة ضد إيران، لا ناقة لهم بها ولا جمل - بحسبه -، ها هو اليوم يهلل مردداً: « أمريكا خسرت.. أمريكا خسرت.. في جولة واحدة وبصاروخ إيراني ذاتي الصنع.. وطفق نجاح محمد علي: «ترمب يتحدث بصراحة عن إيران وعلى المحلوبين الدفع»، في إشارة إلى الحديث السياسي الذكي والواقعي الذي صرح به الرئيس ترمب بأن «ما يهمه هو برنامج إيران النووي ومشروعها الباليستي، أما مضيق هرمز فهو مسألة دولية، والمفترض أنها تهم الصين واليابان وإندونيسيا أكثر من الولايات المتحدة»، أما المدعو «ناصر الدويلة» الذي سبق أن أعلن دعمه للإرهابيين الحوثيين، وتورط في مشاركتهم وإمدادهم بإحداثيات لاستهداف مدنيين سعوديين في أبها، فغرد بشكل هستيري من الفرح : «تراجع ترمب اليوم..! وراحت عنترياته! وراحت ملياراتنا»..!
الواقع أنه لا إيران بريئة ومظلومة، كما أرادوا أن يصوروا، وأن هناك مؤامرة لاستهدافها وإشعال حرب في المنطقة - وكأننا لا نعرف إيران عمائم الشر والإرهاب وتاريخها الأسود معنا، وكأننا سذج يسهل التلاعب بنا، وكأننا لسنا في حرب حقيقية ومفتوحة معها على عدة جبهات، وكأنه لم يكن ثمة تحقيقات دولية شاركت فيها المملكة بالإضافة إلى النرويج والإمارات العربية المتحدة، وأشارت نتائجها بوضوح إلى تورط النظام الإجرامي في طهران، وكأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تثبت بالأدلة القطعية، وبالصوت والصورة تورط عناصر من الحرس الثوري بزرع وتثبيت الألغام البحرية على السطح الخارجي للناقلة اليابانية - ولا أننا والأمريكان تراجعنا عن وضع حد لسلوكها العدائي والإرهابي، أو أن الرئيس الأمريكي «خسر الجولة الأولى» - بزعمهم - «ووضعنا في بوز المدفع» ثم تراجع.. أبداً..!
فكل ما هنالك أننا نحن من يتحكم في ساحة المعركة، ونحن من يمتلك زمام المبادرة، ويحدد ساعة الصفر.. أين ومتى وكيف.. ولن يستطيع نظام عمائم الشر والإرهاب إلى جرنا لما يريد.. إننا ننظر إلى المعركة من منظور عين الطائر، لا عين النملة، ونكشف ساحاتها من جميع الزوايا، ونرى لما هو أبعد من نقلة واحدة أو نقلتين للبيادق على رقعة الشطرنج. نحن نلاعب هذا النظام بكل هدوء، وتحكم كامل بزمام الأمور، وخيوط اللعبة.. والاستراتيجية الأمريكية واضحة ومعلنة في ذلك؛ خنق اقتصاد عمائم الإرهاب وإنهاكه.. ببطء شديد.. وقبضة شديدة.. حتى يحدث التغيير.. وأي تهور من قبل عمائم الإرهاب هو انتحار حتمي، وسيواجه بالضربة القاضية، لكن نحن من يحدد أين وكيف ومتى.
أما مضيق هرمز، فهو بالفعل شأن دولي، وهَمٌ لكل دول العالم، وليس فقط المملكة أو الولايات المتحدة، وبالتالي فإن كان العالم حريص على مصالحه الاستراتيجية، فليشارك في وضع حد لما يقوم به نظام عمائم الشر والإرهاب من أعمال أقل ما توصف به أنها غير محسوبة العواقب.
أما أبواق النظام الإيراني، وشركاؤه من الإخوان المسلمين، فأمرهم يدعو للشفقة، وهم يرون انهيار أحلامهم وآمالهم الشيطانية مع انهيار نظام عمائم الظلام، ساعين بكل ما أوتوا، وبشكل عبثي، مرتبك ومرعوب، ومفضوح، إلى التخذيل والتثبيط، وتحسين صورة النظام الإجرامي في إيران تارة، أو التخويف من تبعات مواجهته تارة أخرى. إلى اللقاء.