فضل بن سعد البوعينين
شهدت العلاقات الاقتصادية السعودية الكورية نهاية السبعينات الميلادية، ازدهاراً ملحوظاً مكّن شركات الإنشاءات الكورية من الفوز بمشروعات البنى التحتية، وساعد المملكة على إنجاز مشروعاتها التنموية المعززة للاقتصاد. رسمت تلك المرحلة بدايات التنمية الحديثة في المملكة، ومرحلة تطور الاقتصاد الكوري وفق رؤية مستقبلية تعتمد الصناعة، والمعرفة والتكنلوجيا أساساً لها.
تجربة التحول الكورية من التجارب الملهمة عالمياً، ومن النماذج التي تستحق الاستنساخ، لثرائها ونتائجها الناجعة، كما أن موثوقية الشراكة معها حملت المملكة على تعزيز علاقاتها الاقتصادية والاستثمارية بها؛ وجعلتها ضمن أهم شركائها في العالم؛ وهذا ما تؤكده زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الحالية لجمهورية كوريا؛ والتي جاءت في ظروف وتطلعات سياسية واقتصادية مختلفة عما كانت عليه في نهاية السبعينات.. حيث أطلقت المملكة رؤيتها 2030 لإعادة هيكلة الاقتصاد، وبنائه على أسس من التنوع والإنتاجية والتنافسية العالمية، وهي مرحلة جديدة تشبه في أهدافها الانطلاقة الكورية الأولى نحو الازدهار والتنوع الاقتصادي؛ في الوقت الذي يبحث فيه الكوريون عن أسواق جديدة، واستثمارات نوعية تسهم في تحقيق نمو أكبر للاقتصاد.
زيارة مهمة وتاريخية؛ بصفتها الأولى منذ تولي سموه ولاية العهد؛ يستثمر فيها العلاقات التاريخية لفتح آفاق شراكة اقتصادية جديدة، وتعزيز العلاقات السياسية المشتركة، وبناء جسور متينة لضخ الاستثمارات المحققة لمصلحة البلدين. استقبال الرئيس «مون جاي» الاستثنائي لسمو ولي العهد وحفاوته الكبيرة، وحضوره تدشين توسعة مصفاة «إس أويل» المملوكة لأرامكو السعودية، برفقة سمو ولي العهد؛ تعكس متانة العلاقة الثنائية بين البلدين وثقته بولي العهد وإصلاحاته الاقتصادية، وحرصه على تنمية الاستثمارات السعودية ودعمها.
يقود الأمير محمد بن سلمان ثورة إصلاحية مهمة في البلاد، يبرز الجانب الاقتصادي كمحرك رئيس لها، وقاعدة للتحول الإستراتيجي، ما يجعله أكثر حرصاً على تقوية العلاقات المشتركة مع الدول الصديقة واستثمارها لتعزيز الاقتصاد وطرح الفرص الاستثمارية وبناء قاعدة مشتركة من المصالح المستدامة؛ ويسعى لإعادة تشكيل علاقات المملكة السياسية والاقتصادية مع الدول ذات الوزن الإستراتيجي العالمي على أسس من التوازن والتنوع الأمثل بين الشرق والغرب، تحقيقا للمصلحة العامة.
عهد جديد من العلاقات الثنائية والشراكة الإستراتيجية حيث تمتلك المملكة الكثير من الفرص الاستثمارية التي ولدتها رؤية 2030 والتي تعتبر فرصاً جاذبة للشركات الكورية الباحثة عن الاستثمار الخارجي؛ وبخاصة في القطاعات الواعدة كالتكنلوجيا والصناعات الثقيلة والسياحة والترفيه، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة لتحقيق التنوع الاقتصادي ونقل المعرفة وتعزيز استثماراتها الخارجية في قطاعات مهمة كالتكنلوجيا، والبنى التحتية ومشروعات الطاقة والتكرير والبتروكيماويات.. مشروعات مهمة تم توقيع عقودها في قطاع الطاقة والبتروكيماويات والصناعة ومن أبرزها مشروعات أرامكو السعودية بحجم استثمارات بلغت 9 مليارات دولار.
أجزم أن العلاقات السعودية الكورية المتميزة، وزيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ستفتح آفاق الشراكة النوعية، وستزيد من تدفق الاستثمارات بين البلدين، وستسهم في تحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية المعززة للعلاقات السياسية، والمحققة للمصالح المشتركة ورفاهية الشعبين الصديقين.