التغيير يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحيوية المجتمع ومرونته ومدى استيعابه لقيم التغيير، وهذا ما ذكره سمو ولي العهد في لقاء صحيفة الشرق الأوسط بقوله «المواطن أصبح يقود التغيير»، فمن إشكاليات الإعلام لدينا أنه أحياناً ينقل صورة عن المجتمع السعودي بأنه مجتمع يقاوم التغيير والإصلاح، وأحياناً لا يرد على الإعلام الآخر الذي يحاول نقل هذه الصورة جهلاً أو عمداً، وهذا نتاج جهل بتاريخ المجتمع السعودي وطبيعته، فالمجتمع السعودي من أوائل المجتمعات التي بدأت التغير وتناغم مع المصلحين السياسيين في التغيير والتطوير والتحديث، فقد بدأ التناغم مع أول رغبة سياسية، حيث اتحد الشعب مع جلالة الملك المؤسس الملك عبدالعزيز وحدث التغيير الكبير وتوحد الجميع، ثم تناغم المجتمع مع رغبة الموحد في توطين البادية وتقبل المجتمع التغيير، وبدأت مسيرة التثقيف والتعليم وعندما اكتشف النفط واكب المجتمع هذا التغيير وتنوع النشاط الاقتصادي وما صاحبه من هجرة إلى المدن، وتعايش مع الآخر، وتقبل للوافدين، واكتساب ثقافات متعددة إيجابية بسلام ومحبة وتعاون وتعايش، وعندما استحدثت الخطط الخمسية كان المجتمع شريكاً في التخطيط ومساهماً في التغيير والإصلاح. ومشروع الرؤية لم يقاوم من الشباب وهم أغلبية السكان، فالكل يدرك أن المطالب تعددت وحاجات السكان في تزايد، وهذا لن تستطيع تلبيته الدولة الريعية، وإن أوان التنوع الاقتصادي والتوازن المالي وهيكلة الاقتصاد وزيادة مصادر الدخل ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي قد حان ولن يتحقق إلا بخطة استراتيجية وفق رؤية وطنية طموحة، ولعل أصعب ما يواجه هذا الطموح وهذه الرؤية هو الإعلام، فالإعلام هو أداة التقدم والتنوير، وقد يكون أداة التأخر وبث التخلف في المجتمع، فالتغيير المنشود وتحقيق رؤية 2030، يحتاج إلى علم وعمل إعلامي مميز تنويري وتثقيفي، يتسم بالعقلانية والشفافية والحوار والجدية، وأغلب الإعلام لدينا ما زال بعيداً عن التنوير والتثقيف، لا يهتم بقضايا المواطنة والإصلاح ولا برامج الرؤية ونقدها وتطويرها، وما يصاحب التغيير من تبعات أخلاقية ونفسية وقيمية، ومعرفة آثار التغيير على المجتمع في الأمدين القريب أو البعيد.
نحتاج إلى إعلام يبرز النخبة والصفوة، وفي جامعتنا من الأكاديميين المؤهلين الكثير، إعلام يواكب رغبة المجتمع للتغيير والتطوير، ويدرك أن الرؤية مشروع نهضة شاملة، وإن لم يدرك الإعلام رغبة الشباب في التغيير ويواكب رؤية 2030 فلن نتغير ولن يحدث التغيير.. فهل يعي الإعلام أن التغير قد يكون تطوراً وقد يكون انحداراً؟.
** **
- باحث دكتوراه
msmo969@hotmail.com