«الجزيرة» - واس:
تشهد العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية واليابان التي تمتد لأكثر من 60 عاماً تطوراً ونمواً مطرداً وتعاوناً في مختلف المجالات، نتيجةً للسياسات والمبادئ التي رسمتها ونصت عليها الاتفاقيات الثنائية والمباحثات والزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين.
وتعد العلاقات بين البلدين الصديقين إحدى أهم العلاقات الدولية التي سادها الإخلاص والصدق والالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه.. فالمملكة واليابان تتوافقان على رؤية مشتركة حيال القضايا الراهنة في المنطقة وذلك انطلاقاً من الفهم المشترك بأن تعاونهما يمثل أهمية كبيرة من أجل الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط والمجتمع الدولي بصفة عامة. ومن هذا المنطلق جاءت مواقف البلدين متطابقة في العديد من القضايا وعلى وجه الخصوص التأييد الياباني لعملية عاصفة الحزم التي جاءت تلبية لنداء فخامة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لإعادة الشرعية في اليمن وحماية الشعب اليمني من البطش الحوثي، وكذلك الاتفاق على إنقاذ الوضع المأساوي في سوريا والتزام البلدين بتحقيق السلام والعدل الدائم والشامل في الشرق الأوسط وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وإدانتهما للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان ورغبتهما في تعزيز الحوار الأمني ليشمل الأوضاع الإقليمية والأمن البحري وأمن خطوط الملاحة البحرية وحظر الانتشار النووي ومكافحة الإرهاب والمساعدات الإنسانية وإغاثة الكوارث.
وجاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لليابان عام 2014م عندما كان وليّاً للعهد لتوثيق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين على مدار السنوات الستين الماضية. واليابان كما أوضح دولة رئيس وزرائها تشينزو آبي تحتفظ مع دول الشرق الأوسط بعلاقات ممتازة، مؤكداً أن اليابان صديق قديم للعالم العربي وتسعى لبناء شراكة شاملة مع دول الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية التي عدها شريكاً مهماً للغاية لأمن الطاقة في اليابان.
وخلال زيارته للمملكة عام 2013م ألقى تشينزو آبي خطاباً اشتمل على ثلاث عبارات أساسية شخصت العلاقات الثنائية بين البلدين وهي التعايش، والتعاون، والتسامح.. فالتعايش يشير إلى الشراكة بين المملكة واليابان المبنية على المصالح المشتركة والعمل على تعايش مزدهر رغم التحديات السياسية والاقتصادية. أما التعاون فقال: إنه يعتمد على التنسيق في العمل السياسي بما في ذلك مواقف اليابان من القضايا العربية، وأن التسامح يعد مبدأً أساسياً لإنجاح التبادل بين الخبراء والطلاب بين البلدين والشعبين.
وكانت الاتصالات الرسمية بين المملكة واليابان قد بدأت كأول اتصال رسمي عام 1938م عندما زار مبعوث الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- حافظ وهبة اليابان لحضور افتتاح مسجد طوكيو ومن ثم زار المبعوث الياباني لدى مصر ماسايوكييوكوياما المملكة عام 1939م لأول مرة كمسؤول ياباني والتقى بالملك عبدالعزيز -رحمه الله- في الرياض.
وتطورت العلاقة بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية عقب إرسال أول وفد اقتصادي ياباني للمملكة عام 1953م وإقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين عام 1955م في الوقت الذي منحت فيه المملكة حق امتياز التنقيب عن البترول لشركة يابانية هي شركة الزيت العربية، والاستخراج الناجح للبترول واحد من العلاقات المميزة بينهما في العلاقة حيث جرى توقيع اتفاقية الامتياز في ديسمبر «كانون الأول» 1957م وجرى اكتشاف تجريبي للبترول في يناير «كانون الثاني» عام 1960م.
وتؤكد لقاءات القمة المتعاقبة ولقاءات كبار المسؤولين والعديد من الاتفاقيات واللجان وغيرها وخاصة اللجنة الوزارية السعودية اليابانية المشتركة حرص الحكومتين على بناء شراكة حقيقية لا تستثني أي نشاط وأن يكون التعاون شاملاً وملبياً لمصالح شعبي البلدين.. وتوجت لقاءات القمة المتعاقبة والعلاقات بين البلدين بالزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى اليابان نهاية العام الهجري الماضي بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود واستجابة لدعوة الحكومة اليابانية، حيث التقى سموه بالعديد من الشخصيات اليابانية كان أبرزها جلالة الإمبراطور أكيهيتو إمبراطور اليابان, في القصر الإمبراطوري في طوكيو، وصاحب السمو الملكي الأمير ناروهيتو ولي عهد اليابان، ورئيس الوزراء الياباني، والعديد من الشخصيات اليابانية المهمة وبحث معهم العلاقات المتميزة بين البلدين وسبل تطويرها بالإضافة إلى بحث مجالات الشراكة بين البلدين في المجالات الاستثمارية والتجارية والصناعية.. ونتج عن تلك الزيارة قفزة نوعية في العلاقات التاريخية بين الرياض وطوكيو، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين، التي شملت مجالات شتى منها تعزيز التبادل الثقافي ومكافحة تقليد المنتجات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتهما التنافسية في الأسواق العالمية وقطاع الطاقة والمجال الصناعي ومجال التنمية الدولية والاستثمار وتبادل المعلومات وكذلك المجال الإخباري.
كما عقدت المجموعة المشتركة لتحقيق الرؤية السعودية اليابانية 2030 اجتماعها الأول في الرياض وتمحور حول دعم التعاون بين المملكة واليابان في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والأمنية والثقافية، وتفعيل المقترح الياباني السعودي لتطوير رؤية مشتركة للعام 2030 التي تقوم على ممازجة الفرص التي تتوافق مع أهداف رؤية المملكة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الياباني، وإستراتيجية اليابان للثورة الصناعية الرابعة والوصول إلى الأسواق الخارجية.
وإيماناً من حكومتي البلدين بتنمية الإنسان الذي هو محور التنمية سواء في الداخل أو على مستوى التطور الحضاري والعلمي والثقافي تأتي العلاقات الثنائية والتعاون في المجال الثقافي لتعكس الروابط التاريخية بينهما. وهذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- خلال زيارته لليابان عندما كان وليّاً للعهد بأن تجربة اليابان مثيرة للإعجاب ومسيرتها ملهمة للدول في سعيها للتنمية والتقدم.
ومن هذا المنطلق فالمملكة واليابان تربطهما عدة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التواصل الثقافي والعلمي من أبرزها مذكرة تعاون بين وزارة التعليم في المملكة ووزارة التعليم والعلوم والثقافة والرياضة والتكنولوجيا اليابانية عام 2010م التي كانت بدورها من محفزات التبادل العلمي والمعرفي بين البلدين، حيث تهدف إلى دعم العلاقات العلمية والتعليمية وتشجيعها بين الجامعات والمؤسسات الأكاديمية ومؤسسات البحث العلمي في كلا البلدين.
وفي إطار الزيارات بين البلدين استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في الرياض محرم الماضي معالي وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني هيروشيغي سيكو، ومعالي وزير الدولة للشئون الخارجية الياباني كينتاروسونورا، لاستعراض علاقات الصداقة بين المملكة واليابان، وآفاق التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.
والتقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في الرياض معالي وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني هيروشيغي سيكو، ومعالي وزير الدولة للشئون الخارجية الياباني كينتاروسونورا، لاستعراض مجالات الشراكة في رؤية المملكة 2030 والعمل على تحقيقها، وبحث دور الشركات اليابانية والحكومة اليابانية في تفعيل تحقيق هذه الرؤية، بما فيها تطوير برامج مشتركة بين البلدين، حيث تم البدء في تفعيل المجموعة اليابانية السعودية المشتركة لرؤية 2030.