سهوب بغدادي
إن مفهوم التسامح يعني في المنظور الحضاري تطبيق ضوابط السماحة والعدل والاعتدال في كل من الخطاب والتعامل مع الآخر من مختلف الثقافات والخلفيات، فيما تتعدى أبعاد التسامح المنظور الإسلامي في الوسط الإسلامي منه إلى العالم أجمع ليشمل العدل مصداقاً لقوله جل جلاله {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }. في هذا النطاق مثلت المملكة العربية السعودية مفهوم التسامح في ظل الأوضاع المتذبذبة في العالم محققة أسمى معاني الإنسانية والثقافة المنفتحة المستندة على تقبل الاختلاف في زمن تتنامى فيه الحاجة إلى نشر وإحلال مفهوم التسامح فيه إثر التوترات في المنطقة العربية والعالم ككل. من الجدير بالذكر أن التسامح قد يدخل في العديد من النطاقات كالتسامح الديني عن طريق الابتعاد عن التعصب الديني والتمييز بناء على الدين نظراً لأن الإسلام دين السلام والتسامح العدل. كما نجد التسامح الثقافي متمثلاً في نبذ التعصب للأفكار الفردية واللجوء إلى سياسة الحوار الفعال مع الطرف الآخر. وأخيراً التسامح الاجتماعي الذي يهيئ للفرد العيش بسلام وأمن وأمان في أي مجتمع كان. من الجدير ذكره بأن العمل بمبدأ التسامح للفرد والمجتمع كافة يعكس انطباعًا إيجابيًّا عن الدين والوطن مما يطمس الصورة النمطية السلبية المتوارثة عن الإسلام والمسلمين نتيجة التضليل الإعلامي ومن هذا المنطلق أحث الأفراد والمؤسسات على تفعيل المبادرات والبرامج الخاصة بالتسامح في جميع الكيانات كالجامعات بين الطلاب والشركات ذلك مرتكزين بذلك على إستراتيجية موحدة منظمة لهذا العمل الجليل واذكر مثالاً حياً على أحد أهم البرامج الخاصة بالتسامح ألا وهو برنامج سلام للتواصل الحضاري الذي تأسس بموجب قرار مجلس الوزراء رقم «12» وتاريخ 26/ 10/ 2015، تحت مظلة اللجنة الوطنية لمتابعة مبادرات خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فهو مشروع وطني يهدف إلى إحلال ثقافة التواصل الحضاري عبر رصد واقع الصورة الذهنية للمملكة، وإبراز مظاهر التعايش والتسامح، ومتابعة ما تذكره المنظمات ومراكز الأبحاث عن المملكة كما أتيحت لي فرصة الانضمام إلى مبادرة دبلوم تأهيل القيادات الشابة للحوار العالمي الذي يمتد إلى 3 أشهر لخلق إمكانات قيادية شبابية وتهيئتهم للحوار العالمي لتمثيل المملكة في المحافل العالمية.