سمر المقرن
أصدرت اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية دليلاً يتضمّن أحد عشر اعتلالاً نفسياً لا تُقبل فيها دعاوى فسخ النكاح لدى محكمة الأحوال الشخصية في حال إصابة أحد الزوجين بها. وهو اجتهاد يُشكرون عليه، إلا أنه من وجهة نظري فإن قبول الحياة بين الطرفين لا تحتاج إلى أي دليل أو إرشاد، فقد يكون أحد الزوجين مريضاً بمرض عضوي أو نفسي مزمن ويقبل الطرف الآخر البقاء معه، بل يكون داعم له إلى أن يصل إلى مرحلة التحسن أو الشفاء، وقد تكون الحياة الزوجية بين طرفين ليس بهما أو بأحدهما علّة أو مرض، وتكون الحياة بينهما مستحيلة!
أعتقد أن الشخص المصاب بأي مرض نفسي في حال كان مؤمنًا في قرارة نفسه بإصابته بهذا المرض، وكان صريحاً مع الطرف الآخر من البداية، بمعنى ألا يكون هناك أي خداع عند الزواج، فإنه هنا يسير على بداية صحيحة لحياة سليمة تتجاوز كل الأمراض، أما إن كان لديه حالة إنكار بالمرض ولا يصارح أقرب الناس إليه ولا يحاول أن يساعد نفسه بالعلاج، فهنا سيكون الطرف الآخر بعد الزواج هو الضحية، وهنا من حق هذا الطرف أن يفسخ العقد بدون أدلة إرشادية تقبل بالقضية أو لا تقبل!
هناك بعض الأمراض النفسية لا يستطيع الشريك تمييزها وتشخيصها إلا بعد مضي وقت من العشرة، بل أحياناً الأم لا تعرف أن ابنها أو ابنتها لديهما إصابة بأمراض نفسية أو بعد أن يتقدم بهم العمر أو بعد تجاوز مرحلة المراهقة مثل مرض (الفصام) الذي لا يظهر بشكل جليّ ويكون الشخص طبيعي جداً إلا من بعض التصرفات التي قد نعزوها لأي حدث، ومن ثم يتضح أن هذه التصرفات بسبب هذا المرض.
لا أحبذ مطلقاً أن يؤخذ بهذا الدليل الإرشادي للأمراض النفسية التي توجب أو التي لا توجب فسخ عقد النكاح لدى محاكم الأحوال الشخصية، لأن قبول الطرف الآخر والتعايش مع مرضه أمر نسبي يختلف من شخص لآخر، وقد تتزوج فتاة بشاب أو العكس، بإصابة بنوبات الهلع أو الوسواس وهذه كما يقول الدليل لا توجب فسخ عقد النكاح، وبالتالي فهي سوف تؤثر على الطرف غير المريض وقد يصاب بالمرض النفسي جراء مكابدته لشخص لديه وسواس أو هلع، فلماذا نجبره على أن يعيش في هذه الأجواء السوداوية؟
بكل صراحة أقولها، من حق أي إنسان أن يتجه إلى المحكمة ويطلب فسخ عقد النكاح طالما لم يعد لديه قبول لاستمرار الحياة، حتى لو لم يكن الطرف الآخر مريضًا نفسيًّا، دون تحديد ولا إجبار على حياة غير مقبولة!