د.عبدالعزيز الجار الله
زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى كوريا الجنوبية كونها وجهة اقتصادية واستثمارية وصناعية، تتوافق مع رؤية المملكة 2030 خطة التحول التاريخي للسعودية الجديدة، في مجالات حيوية تتميز بها كوريا الجنوبية: التصنيع والإنتاج والصناعات البتروكيماوية والنفطية، وصناعة السيارات والقطارات، والمفاعلات النووية السلمية.
قال الأمير محمد بن سلمان خلال الاجتماع بالرئيس الكوري الجنوبي مون جاي يوم الأربعاء الماضي : (نعلم بوجود إمكانيات هائلة وشراكة بين البلدين غير مستغلة وفرص لزيادة التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين، بالإضافة إلى تطوير القدرات الدفاعية وتحقيق ازدهار اقتصادي، من خلال البناء المشترك للصناعات وتطوير رأس المال البشري وتحسين جودة الحياة بين الشعبين، فالمملكة العربية السعودية لديها تجربة رائعة جداً مع كوريا الجنوبية في السابق ونريد أن نكررها بشكل أكبر وأفضل لمصلحة بلدينا). والتجربة الرائعة التي أشار إليها ولي العهد ونريد تكرارها هي تجربة الشراكة بين المملكة وكوريا الجنوبية في منتصف السبعينات من القرن الماضي، حيث شهدت أوسع تعاون بين البلدين.
فقد تم توافق بين البلدين:
- المملكة لتوها تبدأ الدورة الاقتصادية الأولي، حيث قفزت عوائد النفط من (6) دولارات للبرميل الواحد إلى (50) دولارا، حينها شرعت المملكة في تنفيذ التنمية الحضارية والاستفادة من الطفرة الاقتصادية في إنشاء بنية تحتية في المدن الرئيسة الرياض - مكة المكرمة - المدينة المنورة - جدة - الدمام - بريدة - الأحساء - الطائف - أبها - تبوك، نفذت الشركات الكورية البنية التحتية للمدن الرئيسة، ومدن إسكان التي تشرف عليها وزارة الأشغال العامة والإسكان السابقة، وإنشاء الطرق والجسور أبرزها شق العقبات في جبال السروات جنوب المملكة، جاءت الأعمال الكورية في غاية الدقة الهندسية والإتقان، يضاف لها بِنَاء المصانع ومنشآت النفط.
- كوريا الجنوبية كان اقتصادها مدمرا بعد حرب الكوريتين الجنوبية تساندها أمريكا، والشمالية تساندها الصين، التي بدأت 1950م وانتهت عام 1954م، فالدولة الكورية الجنوبية خرجت منهكة اقتصاديا، وتكدس الجنود وسلاح المهندسين بلا عمل، حيث شكل الجنود والجيش الضغط والعبء المالي على الدولة، وعندما شعرت كوريا بحاجة المملكة للبناء والتعمير شكلت الشركات الكبرى لتتولى مشروعات التنمية التي امتدت إلى المدن الأمريكية وبعض الدول الأوروبية بعدما حققت النجاحات في السعودية.
ما زال الآباء والأبناء من الكوريين الجنوبيين جيل السبعينات يتذكرون تلك الفترة التي تحصلوا على الأموال والثروة التي اكتسبوها من عقود المملكة، حيث شكلت للأسر قفزة شخصية، وأيضاً قفزة في الاقتصاد المحلي، جاءت بعوائد مالية للدولة والأسر وأتاحت فرص العمل وتحسين الدخل.