عرض وتحليل - حمد حميد الرشيدي:
( ما روته كاميليا) هو آخر ما صدر من الأعمال القصصية هذا العام 1440هـ للقاص / ماجد سليمان عن (النادي الأدبي بالرياض) وبالاشتراك مع (المركز الثقافي العربي) بالدار البيضاء.
وقد عمد الكاتب في هذه المجموعة القصصية إلى استخدام أسلوب السرد القصصي أو الحكائي الماتع , المبني على التاريخ وذاكرة الماضي, واستدعاء حوادث أو وقائع من الزمن الغابر على طريقة التذكر والاسترجاع في بعض صورها, وصياغتها بقالب قصصي فني.
ونعيش تفاصيل هذه القصص التي ضمتها المجموعة , والتي يتجاوز عددها 20 قصة أو حكاية على لسان راويتها (كاميليا) تلك الفتاة التي التقت بشخص كهل يدعى (العم كريم) أثناء رحلتها على ظهر أحد باصات نقل الركاب المسافرين بين المدن البعيدة, وكانت تقلب بين يديها رزمة من الأوراق التي تتضمن هذه الحكايات. ولذلك كان منظرها - وهي تقلب تلك الأوراق بين يديها - مثيرا لتساؤلات (العم كريم) ذلك الرجل الكهل الذي جلس إلى المقعد المجاور لها في الباص المسافر, مما جعله يسألها عما تحمله تلك الأوراق بين طياتها, وما سر تمسكها بها.
ومن هنا كانت بداية قيام (كاميليا) بسرد الحكايات التي احتوتها تلك الأوراق على مرأى ومسمع من (العم كريم) طيلة المسافة والمدة التي استغرقتها الرحلة على ظهر تلك الحافلة المسافرة منذ ساعات النهار الأولى حتى المساء, وهو الوقت الذي أعلن عنده سائق الباص (الآسيوي) عن نهاية الرحلة لجميع الركاب المسافرين.
إن فكرة هذه المجموعة القصصية مأخوذة من قصص التراث العربي القديم , ومتأثرة بلغته وشكلها وبنيتها, مثل قصص (ألف ليلة وليلة) المعروفة على لسان (شهرزاد) حين تحكي لـ (شهريار) وهو يستمع إليها بشوق, وينتظر منها المزيد كل ليلة من الليالي لتزوده بحكاية ماتعة جديدة.
أجل! إن (كاميليا ) تقابل في شخصيتها (شهرزاد) هنا في هذه المجموعة, لكن ما يخل بفكرة هذا التشابه واكتمال جوانبه أن (العم كريم) لا يشبه ( شهريار) بالتأكيد ! لا من حيث البناء الأسطوري والفني لهذه الشخصية, ولا من حيث حضورها القوي في المشهد القصصي , الذي كان مؤثرا, طوال ( ألف ليلة وليلة).
لقد مات (العم كريم) في نهاية القصة, على الرغم من أن كاميليا كانت تود منه أن يحكي للناس ما حكته له, وهو ما يعكس الصورة القديمة لـ (شهريار) في ذهن المتلقي , من القوة والسلطة والبذخ , ويجعل الشخصية المتواضعة أو البسيطة في تكوينها - كشخصية العم كريم - تقابلها, أو تحل محلها.
هذا ويغلب على جميع القصص أو الحكايات التي ضمتها المجموعة (ثيمة) الموت والحروب والقتل والجوع والبؤس والهرم والشيخوخة.
ومن يقرأ المجموعة سيلاحظ بسهولة أن مثل هذه اللغة ومفرداتها شائعة بين تلافيفها وثناياها, وجزء من تركيبتها ومضمونها.