م/ نداء بن عامر الجليدي
تعرضت الأتعاب الاستشارية للعديد من الاجتهادات والمحاولات في التحليل والتقدير وذلك بسبب تقويم طبيعة المشروعات وتعدد جوانبها البيئية والهندسية والاقتصادية والاجتماعية وتكاملها، فلم تعد المشروعات تتم في إطار محدد الأبعاد يمكن حساب المجهود الذي يبذل في دراستها بسهولة ويسر، خاصة المشروعات الهندسية الكبرى التي تحتاج لتصميمها ومعرفة إدارتها إنتاج فكري عالٍ وخارق لضمان نجاحها والتقليل من تكاليف إنشائها ومن ثم صيانتها مستقبلاً.. لذا استمر التعامل مع الأتعاب الاستشارية بالأسلوب الاجتهادي أو من خلال المسابقات أو المناقصات وغيرها من الوسائل التي لا تستند على نظام محكم وعادل لتقدير الأتعاب الاستشارية للمشروعات المختلفة حتى اضطررنا في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية إلى المساواة بين شراء المعدات والأدوات وتقديم الاستشارات كما ساوى بين الإنتاج الفكري والإنتاج العيني والإنتاج الفني والإنتاج الحرفي، واستمر الحال كما هو بالرغم من الاعتراضات التي صدرت من المهندسين بغياب تام من هيئة المهندسين التي تراعهم لضياع نتاجهم الفكري بهذا الشأن خاصة بالنسبة للأعمال التي تسند إلى المكاتب الاستشارية بكل تخصصاتها المحددة أو المتكاملة هذا في الوقت الذي ظهر فيه العديد من جوانب النقص في تنظيم المهنة في الأعمال الاستشارية، إذ لا توجد معايير أو محددات لتصنيف المكاتب الاستشارية سواء بالنسبة لأعداد العاملين فيها أو بالمسطحات المشغولة بهم أو التجهيزات المعاونة لهم, أو بالنسبة لنوعيات الأعمال وأحجام المشروعات التي تولتها, أو بالنسبة لاعتراف المنظمات الدولية بها, وهذه جميعها عناصر هامة في تقييم المكاتب الاستشارية والنشر عنها في السوق الاستشارية العربية والعالمية.
لقد تركت المكاتب الاستشارية الأجنبية في نهاية السبعينات بصماتها على نظام التعاقدات الاستشارية، وعرفت مفهوم نطاق العمل والشروط المرجعية كما عرفت مفهوم تحديد الأتعاب من خلال تكاليف (الشخص / شهر) والتجهيزات والمصروفات الإدارية المحلية في حساب الأتعاب الاستشارية، وأن كانت الإدارات الحكومية لم تطور من نفسها في هذا المجال واعتمدت في العديد من الحالات على ما تركته لهم المكاتب الأجنبية من مفردات وتعبيرات تطبقها في جميع الحالات بالرغم من اختلاف طبيعة العمل في كل مشروع، وفي جميع الحالات لابد من تحديد الأتعاب الاستشارية على أساس حجم وقيمة الإنتاج الفني أو الفكري والتنفيذي معاً، لأن التحول الاقتصادي الذي تتبلور ملامحه في رؤية المملكة 2030م في الوقت الحاضر يدعو إلى ضرورة مراجعة الأتعاب الاستشارية دعماً للاقتصاد وارتقاء بمستوى المهنة وتوفير الفرص أكثر للخبراء والاستشاريين والعمالة الفنية والمهنية.. ودمتم بود.