د. محمد عبدالله الخازم
سأكتب اليوم بياناً حول هذه الزاوية المتواضعة، ولدي بعض الحرج والحذر خشية التفسيرات المتباينة للقراء حول ما أكتبه، حيث أغلبهم لا يحـبـذ حديث الكاتب عن نفسه. أياً يكن، فإنني أحاول التعبير عن بعض فلسفتي في الكتابة وعمري فيها تجاوز العقـديـن من الزمان، حيث بدأت كاتب زاوية في دنيا الرياضة بجريدة الرياض، عن الإصابات الرياضية والطب الرياضي، ثم انطلقت لمواضيع تخص رياضة المرأة ورياضة أصحاب الإعاقات والنظام الأولمبي والإدارة الرياضية.. إلخ. وكان أول من نبهني إلى بعض الخواص في مقالاتي هو الزميل أحمد المصيبيح - المحرر حينها- حينما غيّر مسمى زاويتي إلى «رأي مختلف»، مبرراً ذلك بقوله، أنت تكتب بشكل مختلف عن بقية كتاب الملحق الرياضي، تتجاوز مجرد نقد المباريات إلى طرح أفكار وحلول ومقترحات لا تبالي بالضجيج الحاصل في المدرج الرياضي، رغم إغرائه.
كانت وما زالت فلسفتي في أغلب ما أكتبه، ولست أدعي أنها الأفضل، هي أن المقال -في المجال التنموي- يجب أن يتجاوز مجرد نقد العمل إلى طرح فكرة تحسنه أو طرح تساؤل يحفز النقاش والبحث في الموضوع المطروح. أحياناً يكون رأياً مفيداً وأحياناً يكون اجتهاداً أرجو أن يقدره الآخرون. ولأنه من أسس طرح الفكرة تبيان أو التمهيد لمبررات طرحها يكون أمراً طبيعياً طرح الأسئلة أو تحليل الممارسات القائمة والتعرض لبعض السلبيات قبل طرح الحلول. لاحظت أن ذلك يزعج البعض فينسى القراءة الواعية للفكرة أو السؤال الذي أثيره. يقترحون، كبديل لذلك مدحهم وتلميع صورهم، والأمر ليس معقداً من الناحية الكتابية، فنحن نفعله في مخاطبتنا و(بروشوراتنا) ذات العلاقة بأعمالنا الوظيفية، لكنه يخالف الخط الذي رسمته لنفسي في كتابة المقالات. دائماً أكرر، هناك إدارات العلاقات العامة وربما صفحات وزوايا أخرى تفي بالأغراض الدعائية والإعلامية.
إحدى النصائح التي وجهها لي بعض خبراء الكتابة في بداياتي، هي أن أكتب في مواضيع بعيدة عن مجال تخصصي أو خبرتي، على سبيل المثال أكتب عن البلديات والدفاع المدني وسوق الأسهم والفنون بدلاً من الكتابة في المجال التعليمي أو الصحي، لأن كتابتك في مجال تخصصك قد تزعج من لهم علاقة بعملك فيؤذونك أو يحملون عليك بشكل مباشر أو غير مباشر. وفعلاً هناك زملاء أساتذة في الجامعة لم أجدهم يكتبون حرفاً عن إصلاح التعليم لكنهم سيوفاً مسلطة على أمين البلدية ووجدت أطباء يطرقون فنوناً كثيرة في الكتابة إلا المجال الصحي فهم يتجنبونه. لم تعجبني النصيحة كثيراً لأنني أراه أولوية الكتابة فيما أعرفه وما أنا خبير ببعضه.
أمران يزعجاني أختم بهما؛ الأول، هو خلط البعض بين قدراتي وأفكاري المهنية وبين ما أطرحه في الكتابة، فتجدهم يصنفونني وفق مقالاتي وليس وفق ما أقدمه وأجيده وأتعامل به فيما أوكل لي من مهام عملية ومهنية. الثاني، هو القفز إلى البحث عن دوافع لما أكتبه وإلى تنميط لشخصيتي، ضمن رؤيتهم للعلاقات الفردية وللتصنيفات المختلفة، بدلاً من قراءة ومناقشة الفكرة التي أطرحها، لذا أقول لكم/ لهم «اقرأوا ما هو مكتوب.. انسوا من هو كاتبه».