الكاتب عرفان نظام الدين أحد أصدقاء الشاعر الراحل نزار قباني.. أصدر كتاباً بعنوان «آخر كلمات نزار» عن دار الساقي.. رسم خلاله صورة بانورامية لنزار حيث إنه كان الأكثر قرباً له في أعوامه الأخيرة.
وضم الكتاب شهادة من غادة السمان ومقالات من عبدالله الجفري ولقاء بين غازي القصيبي ونزار.
وقال عرفات نظام الدين إن نزار قباني عانى في سنواته الأخيرة من مجافاة الشعر له وأنه قال يوماً.
لقد اشتريت الأوراق الملونة والأقلام الملونة التي أكتب فيها..
ووقعت المزهرية على مكتبي وفي داخلها الورود التي أحب.. وأدرت التسجيل على الموسيقى التي تريحني.. ولكني أجلس ساعات ولا يأتيني الشعر ولا أدري لماذا يهرب بين أناملي!
وأشار عرفان في كتابه إلى العلاقة بين نزار وعبدالله الجفري، وقال إنهما لم يلتقيا من قبل ولكنهما كانا معاً عبر الفاكس والهاتف.. والمقالات..
وعندما دخل نزار المستشفى جاء الجفري إلى لندن خصيصاً لزيارة نزار.. واللقاء الأول معه بعد سنوات طويلة من التعارف الورقي يقول الجفري عن أول لقاء مع نزار:
في مستشفى سان توماس بلندن دخلت عليه.. وكان مسترخياً في كرسي بقرب النافذة الزجاجية بعرض الحائط المطل على النهر.. أراه لأول مرة.. ويفاجأ بشكلي وهو يقول لي ضاحكاً:
تخيلتك «ختياراً» يا عبدالله..
وتضمن الكتاب غضب غازي القصيبي على نزار بعد قصيدة هاجم فيها العرب ووصفهم بالسريلانكيين فكتب رداً ساخراً بيّن فيه خطأ الشاعر.. وأوضح أن سيرلانكا تقدم خدمات طبية وتعليمية واجتماعية متكاملة رغم ضآلة مواردها.
وبعد نشر الرد غضب نزار، وقال: أتقبل النقد بصدر رحب ولكن «من بيت أبي ضربت» أي من شاعر كبير ومن غازي بالذات..
وحاول عرفان إزالة هذا الخلاف ونجح الزمن في محو هذه الحادثة، وبعد مرض نزار زاره غازي وتحدث طويلاً عن الشعر، ولم يتم التطرق نهائياً للخلاف السابق، فالعتاب أحياناً يفسد للود قضية ولا يكون صابون القلوب كما نردد دائماً.
كان نزار يتلو قصيدة فيرد عليه غازي التحية بأحسن منها، وبعد اللقاء كتب عرفان نظام الدين مقالاً عن لقاء القمتين قال فيه: ماذا تفعل لو وجدت نفسك في مجلس واحد يضم قمتين في الإبداع وأميرين للشعر العربي والإنسانية والمحبة من المحيط إلى الخليج.
وقد غاب الشعر عن نزار في أيامه الأخيرة.. وكان يشتكي ذلك لكل من زاره، ويقول: أنظر إلى الورق المتلهف على حبري وشعري فأرى فيه كفني.. أليس قريباً هذا الشعور.