دشنت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إلى جمهورية كوريا الجنوبية مرحلة جديدة من مراحل العلاقات الإستراتيجية المتينة بين البلدين، والتي تمتد لما يزيد على 55 عاماً، حيث عقد بالتزامن مع الزيارة الميمونة لسمو ولي العهد ملتقى الشراكة السعودي الكوري والذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار في السعودية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووكالة كوريا لتعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، بمشاركة عدد من الجهات الحكومية والخاصة.
ومن موقع متابعة ورصد لمشهد الحدث وأبعاده لاسيما الاقتصادية والتنموية منها، فإننا نجد في عمقها تكريساً لعنوان وملامح المرحلة المقبلة وفق منهجية وشمولية رؤية المملكة 2030 التي أسس لها الأمير الشاب ووضعها ضمن الأفق المستقبلي الذي يفيء خيراً ونماءً وازدهاراً للبلاد والعباد، فقد شهدت الزيارة توقيع 15 مذكرة تفاهم بين المملكة وكوريا الجنوبية، شملت عدداً من القطاعات الاستراتيجية المستهدفة في المملكة مثل التمويل والإعلام والتصنيع والبناء والبتروكيماويات، كما شملت أيضاً عدداً من الشركات الكورية الكبرى مثل مؤسسة كوريا الوطنية وبنك كوريا الصناعي، وسامسونغ بايوبس، والشركة الكورية للكيماويات، وشركة إس كاي العالمية للكيماويات، وبلومكس وماينوريتي، والمعهد الكوري لأبحاث معايير العلوم، وشركة بي كي للصمامات. إلى جانب الاتفاقيات الموقعة بين شركة أرامكو السعودية وعدد من الشركات الكورية في مجال صناعة السيارات والصناعات البحرية وصناعة السفن.
وهنا نتلمس الخطى نحو بناء منظومة صناعية وتقنية تدعم تحول المملكة إلى قاعدة الإنتاج الصناعي بالاستفادة من التجربة الكورية في هذا المجال، إذا ما عرفنا بأن كوريا الجنوبية تفتقر أصلاً إلى الموارد الطبيعية، فبوجود التكامل بين البلدين سيدعم تحقيق الرؤية المشتركة 2030. ووفقاً لهذه العلاقة الاستراتيجية فقد دشنت المملكة وكوريا الجنوبية مجمع تطوير مخلفات التكرير ومجمع إنتاج مشتقات الأوليفينات، بحضور الأمير محمد بن سلمان ومون جاي - إن رئيس كوريا الجنوبية، إذ تتضمن هذه المرافق الجديدة أحدث التقنيات المستخدمة في أعمال التكرير، والتي زادت حصة إس أويل من 8 في المائة إلى 13 في المائة من تصنيع المنتجات البتروكيميائية عالية القيمة مثل البروبيلين والبنزين. وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وكوريا الجنوبية أكثر من 78 في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية. وقد أسهمت في ازدهار التبادل التجاري وزيادة التعاملات المرتبطة بالنهضة التنموية التي تعيشها المملكة، وما يجري في إطارها من تنفيذ لعدد من المشاريع الاقتصادية الحيوية والعملاقة، وتوسعة بعض المصانع والمنشآت النفطية، والبتروكيماوية والصناعية، والاستفادة من اقتصاديات المعرفة، وتطبيقات الحكومة الإلكترونية التي تملك الشركات الكورية خبرات واسعة فيها. كما توجت رحلة سمو ولي العهد لليابان برئاسته وفد المملكة المشارك في اجتماعات قمة العشرين «G20» لأكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وهذا الحضور اللافت والمؤثر لسمو ولي العهد بين قادة دول المجموعة، بما وهبه الله من كاريزما ومميزات شخصية جعلته محط أنظار القادة ووسائل الإعلام والأوساط الاقتصادية والسياسية يدعونا إلى الفخر والاعتزاز، لارتباط ذلك بحجم ومكانة وتأثير المملكة كدولة محورية ذات ثقل استراتيجي. نسأل الله سبحانه أن يحفظ سموه في حله وترحاله وأن يكلل جهوده بالنجاح والتوفيق لتحقيق ما تصبو إليه بلادنا في حاضرها ومستقبلها.
** **
محمد عبدالعزيز العجلان - نائب رئيس مجموعة عجلان وإخوانه