د. أحمد الفراج
كتبت قبل فترة، وذكرت أن الديمقراطيين يواجهون مشكلتين مع الرئيس ترمب، أولاهما أنه لا يوجد مرشح عيار ثقيل، مثل بيل كلينتون أو باراك أوباما، وثانيتهما أن ترمب لديه مقدرة عجيبة على تدمير أي خصم، فأسلوبه الصدامي، وتصريحاته التي تعتبر غير محسوبة هي أقوى سلاح يتمتع به، ففي الانتخابات التمهيدية الماضية للحزب الجمهوري، استخدم ترمب التنمُّر ضد خصومه، ونجحت هذه الاستراتيجية، إذ لم يأخذه أحد على محمل الجد، فقد كان أهم خصومه هو جيب بوش، الذي ترشح للرئاسة وهو يحمل معه تاريخ آل بوش السياسي، فوالده وأخوه فازا بالرئاسة، كما أنه كان حاكماً لواحدة من أهم الولايات الأمريكية، أي فلوريدا، وكان آل بوش يطمحون في دخول التاريخ، كأول أسرة سياسية يحكم أمريكا خلالها أب واثنان من أبنائه.
دمَّر ترمب كل ذلك، عندما تنمَّر على جيب بوش وسخر منه، وقال إنه بارد الطباع، وكان ذلك كافياً بأن يزعزع ثقة جيب بنفسه، وحتى عندما حاول والده جورج وأخوه جورج الصغير الدخول بقوة، في محاولة لفرض اسمه من جديد، لم تنجح المحاولة، على الرغم من أن جيب أفضل سياسياً من أخيه، فعندما ترشح بوش الابن لانتخابات عام 2000، قالت والدته باربارا : « إن جيب أفضل منه، وأكثر حظاً بالفوز بالرئاسة «، وكذا فعل ترمب مع بقية المرشحين، فقد جندلهم واحداً تلو الآخر، في مفاجأة سيتحدث عنها المؤرخون كثيراً، ويبدو أنه سيكرر ذلك، فالتنمُّر على مرشحي الديمقراطيين هذه المرة سيكون مشوقاً، فأبرز مرشح ديمقراطي، جوزيف بايدن، لديه من التناقضات والتخبطات ما سيجعله هدفاً سهلاً لتنمُّر ترمب، علاوة على سنّه الكبير، وذات الشيء يقال عن برني ساندرز، الذي لا أظن أنه سيبرز في هذه الانتخابات كما فعل في الانتخابات الماضية، عندما كاد أن يطيح بهيلاري كلينتون في انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية، وبالمثل يجد ترمب متعة في التنمُّر على المرشحة، عضوة مجلس الشيوخ اليزابيث وارين، التي سخر منها كثيراً، حتى قبل أن تترشح، والخلاصة هي أن ترمب لديه الكثير من السلوكيات، التي يفترض نظرياً أن تضرّه في سعيه لإعادة الانتخابات، ولكن التاريخ يقول إن هذه السلوكيات كانت سبباً رئيسياً لفوزه بترشيح الحزب الجمهوري، ومن ثم الفوز بالرئاسة، ويأتي على رأس هذه السلوكيات حكاية التنمُّر على خصومه، والذي يبدو أنه خدمه قبلا، وسيخدمه في انتخابات عام 2020!.