عبده الأسمري
تألفه جنبات «المسجد النبوي» وتعرفه بوصلة المخطوفين للعلم.. ربي في أحضان «الروحانية» وتربى في محاضن «السكينة» فأشبع ذاته بإعجاز القرآن وملأ قلبه بإنجاز البيان..
عمود من أعمدة «القراءة» وركن من أركان «الاستقراء» في رحاب الذكر الحكيم..
انتبذ من «الأضواء» مكانًا قصيًّا.. فلاحقته ومضات المهمة «الشريفة» لتضيء ذكره في قلوب «الفضلاء» فاكتسب من القرآن «الفضيلة» وتشرب من «الفضل» الوسيلة.. فكان «كبير» القراء الذي علمهم «التلاوة» و«الحفظ» وخبير «الأساتذة» الذين أفهمهم «التجويد» و«التفسير».
إنه شيخ قراء الحرم المدني الشريف وإمامه السابق الشيخ إبراهيم الأخضر أحد أبرز علماء القرآن ومعلمي الذكر في العالم الإسلامي.
بوجه حنطي مفعم بالوقار» موشح بدواعي «الطمأنينة» تعلوه بسمة «الرضا» وتحفه «سمة» السمت «مع ملامح مدينية تتشابه مع أسرته وتتقاطع مع سحنة «الأرض الطيبة» وعينان واسعتان تمتلآن «دمعًا» حين التأثر «وتلمعان» بريقاً حيث التأثير مع تقاسيم تسكنها «الخشية» ويحفها «الخشوع» وأناقة تعتمر البياض المستند على قوام متوسط ولحية بيضاء تشبه قلبه أكملها «المشيب» عقدًا للخبرة ومددا للمعرفة.. قضى الأخضر جل عمره وهو يكتب «نصوص» التأسيس ويرسم «قدسية» المهنة في أعلى وأشرف المهام وسط ميادين «الإمامة» وفي مجالات «التحفيظ» وبين محافل «الجودة» اسماً ثابتاً في نظم «الأسس» ووسماً بارزاً على بوابة «المجد» ورقماً صحيحا في معادلة «الثبات» ونتيجة مذهلة في متراجحة «النتائج» في مهنة «القارئ» ومهمة «الإمام» وهمة «الأستاذ» في دروس القرآن وأصول الدين.
ولد الأخضر في «المدينة المنورة» وركض طفلا بين أحياء «العوالي» و«قباء» مكملا نهاراته بين واحاتها فتعتقت أنفاسه بروائح «الريحان» ورياحين «الثمار» وبركة «النخيل» وانعتقت نفسه من فرضيات «الطفولة» موجها شقاوته إلى «نباهة» وشقائه إلى «بداهة» ممطرًا مساءات والديه بأسئلة «النبوغ» عن حيثيات «الأقدار» واستفسارات «الفضول» نحو تفاصيل «الاقتدار» وكبر مراقباً مشاهد «الحصاد» في مزارع جيرانه ومآثر «المداد» في أمهات الكتب في منزل أسرته.. موزعاً يومه بين «براءة مستفيضة» و«كفاءة فائضة» فكان «حديث» حيه صباحًا ونجم عائلته ليلاً.. جاذباً «نداءات» الأمنيات في حضرة والديه مرغما «التوقعات» للسمو نحو «الوقائع».
فانخطف إلى الألحان السماوية التي تهطل بالمقامات المدينية في تلاوات الحرم المدني فأنشد إلى جودة «اللفظ» في قراءة عمر الحيدري وانجذب إلى «إجادة» اللغة في ترتيل حسن الشاعر وائتلف مع تناغم الأداء في لحن عامر السيد عثمان وأعجب برونق الحروف في صوت أحمد الزيات فاكتملت في ذهنه القراءت العشر بتناغم «مذهل» وتواءم «فاخر» فامتلأ وجدانه بأفضال «القرآن» و«فضائل» الآيات.
ابتدأ حياته العملية مدرساً في التعليم الصناعي، فمدرساً بمدرسة أبي بن كعب لتحفيظ القرآن الكريم في المدينة المنورة، ثم إماماً في المسجد النبوي. بعد ذلك عين برتبة أستاذ مساعد في كلية القرآن الكريم وكلية الدعوة بالجامعة الإسلامية ودرس في المعهد العلمي للدعوة الإسلامية التابع لجامعة الإمام. شارك كإمام بالمسجد النبوي الشريف لمدة تسع سنوات وقد تتلمذ عليه في القراءات الكثير من طالبي العلم بالداخل والخارج. ومن أبرز جهوده في خدمة كتاب الله تعالى اقتراحه مع عدد من الشيوخ على فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز إنشاء كلية القرآن وتدريس القراءات بالجامعة الإسلامية.. للأخضر نشاط كبير في مجال تحفيظ القرآن الكريم والخدمات الاجتماعية، وله عضوية في عدة لجان وجمعيات ومنها جماعة تحفيظ القرآن. والجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية. ولجنة التحكيم المحلية والدولية لمسابقة القرآن الكريم.
ولأنه مسكون بالعلم والاطلاع والبحث فقد اعتلى منابر الإعلام ووقف وجهًا محببًا وضيفًا جاذبًا في عدد من الحلقات الإذاعية والتلفزيونية، وألقى العديد من المحاضرات وله تسجيلات قرآنية وأشرطة كاسيت في معظم مكتبات العالم الإسلامي.
من طيبة الطيبة رسم الأخضر «معالم خضراء» وأسس «مناهج عصماء» وامتطى صهوة «الأستاذية» ورفع راية «العطاء» لينال أوسمة «الحسنى» بين الذكر المشفوع بالإنجاز والشكر المسجوع بالاعتزاز في كل اتجاهات الوطن..
إبراهيم الأخضر.. شخصية استثنائية.. كتب سيرته في دروب «ملاحم الشرف» و«مطامح الفخر» ليقيم «صرحاً» من الانفراد على بوابات «النفع» وليصدح بالصوت القويم والصدى الأقوم استماعاً واستمتاعاً في القرآن والقراءة والبيان والتبيين.