د. حسن بن فهد الهويمل
الإعلام العربي كـ(قوم إبراهيم) عندما جعل أصنامهم جُذَاذاً, وعوا لحظة واحدة :- {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُون}.ولكنهم {نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاَء يَنطِقُون}.
إعلامنا العربي:- إما مقترف للخيانة القومية, والوطنية. أو مواطئ عليها. أو ساكت عن الحق متشيطن. أو مسف لا يحسن إلا السَّفه.
وهو في تلك الدركات: مُكَرِّسٌ, مُنْتكس. مُكَرِّس للغباء. منتكس عن الحق.
مشاكل (عالمنا العربي) مكشوفة معروفة, :- {فَهَلْ مِن مُّدَّكِر}.
أمة مأزومة, غمرتها الفتن من كل جانب, وخاضتها مع الخائضين, وعرفت دقها, وجلها. وواجب المقتدرين من أبنائها أن يتأملوا واقعهم, وألا يمضوا مع اللعب القذرة التي أتقن صنعها الأعداء, لتدمير أمتنا, وإضعاف كيانها, وتشتيت شملها.
إن على إعلامنا العربي وعي واقعه, والنهوض بمهمته على الوجه الذي يقي الأمة مزيداً من التدهور.
أمتنا تخوض حرباً ضروساً مع عدو تاريخي, يضمر الأحقاد, والأضغان لـ(لعنصر العربي), بكل طوائفه, لا يفرق بين سني, وشيعي. ولا بين صوفي, وسلفي. ولا بين عروبي, ومستغرب.
هذا العدو الجلد اللدود, ذاق الذل منذ (القادسية) قبل أربعة عشر قرناً ونيف, ولما يزل ينتهز الفرص, ويستعين حتى بـ(الشيطان الأكبر), كما يسميه, يمده بالخطط, والتسهيلات. وإعلام أمتنا متخاذل متردد, بل البعض من المرتزقة يظاهرونه, ويخذلون قومهم.
أنا لا أتحدث عمَّن باعوا ضمائرهم, وتاجروا بكرامتهم, وجنَّدوا إمكانياتهم البلاغية الفارغة من كل محتوى شريف. وإنما أتحدث عمَّن يدعون الشرف, والكرامة.
حربنا مع (إيران) حرب وجود, أوعدم. والذين يناصرونها بألسنتهم, وأقلامهم يهيئون أنفسهم للذل, والعبودية, لأنهم معنا في السفينة, وضدنا في الواقع.
فـ(المجوس) حين يحققون بعض طموحاتهم سيفعلون بالعرب ما فعله (التتار), و(القرامطة), و(الصليبيون).
أحقادهم بادية, وكراهيتهم للعنصر العربي تنمو يوماً بعد يوم, منذ أن كُسِر (كسرى), وزالت دولته, ونحن وآثقون بعدم عودة سلطانه, ببشارة من لا ينطق عن الهوى.
لا نريد من الإعلام التطبيل, ولا التضليل, ولا تبرير الأخطاء, ولا تصدير الطائفيات, ولا الأنظمة.
نريد منه وعي المرحلة بكل ما فيها من تعقيد, وخلط متعمد للأوراق, ومحاولة التوعية, وتجنب الإثارة, والإحباط, والتيئيس, والتلبيس.
لا بد أن يكون إعلامنا متفائلاً, يشد العضد, ويقوي العزمات, ويتجنب الإسفاف, والهبوط, إعلام يربي, ويُوَعِّي, ويثقف, ويملأ الفراغ بالجد.
لقد انشق (الإعلام العربي) على نفسه, وسلك طرقاً لا تؤدي إلا إلى الفشل, وذهاب الريح.
لا بد من توحيد الجبهات :-
- السياسية .
- والعسكرية.
- والإعلامية.
لمواجهة الوضع المخيف. الغرب له خطط, و(إستراتيجيات) بعيدة المدى, يريد تمزيق الممزق من الأرض, وتشتيت المشتت من الأفكار.
لقد تكسرت مجاديفه, وتمزقت أشرعته في مواجهة الإسلام المتلاحم, والمستقيم على المأمور.
وتجربته العسكرية أثبتت عجزه أمام تلاحم الأمة الإسلامية, المقيمة على المأمور, ومن ثم سعى جهده لتمزيق أرضها, وتشتيت فكرها, وتفريق كلمتها, وجعل بأسها بين أطيافها شديد.
كان الإسلام, ولا غير, ثم دخلت المذاهب, والطوائف, والأحزاب.
لقد حرص على تعميق الطائفية, والحزبية, ودعم العسكر, والأقليات, وجعل بأسهم بينهم شديد.
نحن اليوم أمام ثلاث جبهات متناحرة:-
- سنة.
- وشيعة.
- ومتصوفة.
تحارب بعضها بالإنابة, ويدعمها إعلام متواطئ, يعمق العداوة والفرقة, ويحرض على المواجهات الإعلامية, والعسكرية, والسياسية.
واللاعب الأكبر يبيع السلاح, ويُهْدِي خرائط الطريق, ويحرض على ضرب الرقاب, ويجني الثمار.
والإعلام العربي المأجور, يذكي الحزازات, ويشعل الفتن.
والأمة العربية, والإسلامية تدفع الثمن من دمائها, وأموالها, وأمنها, واستقرارها.
إنه انتكاس, وارتكاس, وتخاذل, وتفريط بمثمنات الأمة.