رمضان جريدي العنزي
هناك قلوب قاسية كأنها الحجر، أو أشد من الحجر، قسوة وحدة وفعل، ابتعدت عن الإطار الإنساني والرحمة والشفقة والعطف، حتى صارت مثل قلوب الحيوانات المفترسة، أو أفظع، إن القلوب القاسية لا مبدأ لها ولا أخلاق، لا نقاء لها ولا صفاء ولا فيها بياض البتة، لذا فأصحابها يمارسون الفظائع والترويع والتخويف والرديء من القول والعمل، والمشين من الفعل، وفق حجج كاذبة، وقصص واهية، وأعذار ملتوية باهتة، إن أفعالهم البغيضة المشينة، وفرائس الاحتيال والخداع لديهم، هي التي تدل على أن قلوبهم قاسية، ونفوسهم صلدة، ومشاعرهم بليدة، وإحساسهم في ركود تام، ونوم عميق، بلهاء لا يستنكفون عن ارتكاب أبشع وأفظع الخطايا والآثام، أساليبهم خسيسة، وقواعدهم الأخلاقية معدومة، وبارعين في الإساءة والتبرير، وعندهم نزعة مخيفة في الإيذاء والتنكيل، لقد شاهدت مقطعًا لرجل يعذب طفلًا صغيرًا ويتيمًا، وفق أشد وأحقر وأعتى وآلم أنواع التعذيب النفسي والجسدي، دون رادع ضمير أو مبدأ أو أخلاق، وبعيدًا عن موازين العطف واللين والرحمة، وخارج سياق الإنسانية، إن أصحاب القلوب القاسية، يحرصون على إطفاء جذوة السواد التي في قلوبهم بأفعالهم المقيتة، أسها تبريرات غاشمة، وأعذار غير صحيحة، لمجرد أن يظهروا الغل الذي يحملون، إن هوى النفس البغيض هو مصدر الفجائع والنكسات الذي مني به بعض الذين ينتمون للبشرية صورًا وأشكالاً فقط دون قلوب حية، أو أرواح سليمة، أو أفعال حميدة، إن الذين يرتكبون هذه الفظائع اللا إنسانية في حق الإنسان، بالتأكيد هم بعيدون عن ضوابط الشرع، ومعايير الأخلاق، لا عندهم قيم، ولا عندهم ثوابت، وتشوبهم الأدران والأسقام النفسية، أساليبهم قمعية، وتصرفاتهم بلهاء، ودوافعهم غير نقية، وليس في أرواحهم سلام، إن أنهيار القيم عند هؤلاء كارثة إنسانية، نتائجها رهيبة، وآثارها عميقة، إن ما فعله ذاك الشخص الوحش، مع ذاك الطفل الصغير البريء، يعد شرخًا بائنًا، وجرحًا لا يندمل، وهزًّا لمشاعر اكتوت بنار الغضب عند مشاهدة ذلك المقطع المشين، لقد برزت كامل الوحشية بصورها المنفرة البغيضة في ذلك المشهد المقزز البشع، ومثل ذلك الشخص لا يمكن أن يطلق عليه صفة إنسان مطلقًا، كونه بغيض غارق إلى شحمة أذنه بالسوء والبغض والنكد، ويميل إلى العمل السقيم، والفعل اللئيم، بعيدًا عن تعاليم الدين السمح القويم، وبعيدًا عن كل الحسابات الإنسانية، لذلك فهو ميت في الأحياء، منبوذ ومحتر من قبل الناس، لم يبقِ لنفسه سوى الصفحات السوداء، وكفاه بذلك خزيًا وعارًا وخسارة.