سمر المقرن
كثيرة هي البرامج النشطة في حالات إدمان المخدرات، وهناك اهتمام كبير واضح للعيان وجهود جبّارة في مجال مكافحة آفة المخدرات، لكنني لاحظت أن هناك نقصًا كبيرًا في برامج تأهيل أسرة المدمن، وفي تصوري أن الأسرة هي الأهم ويقع على عاتقها المسؤولية الأكبر في التعامل مع مريض الإدمان. نلاحظ أن أغلب الآباء لا يعرفون عن وصول ابنهم إلى مرحلة الإدمان إلا في حالة متأخرة عندما يصل إلى مرحلة الحاجة إلى العلاج، ومن هنا علينا أن نبدأ من أول السلم، وذلك بعمل حملة وطنية على مستوى المملكة لتوعية الأسرة في هذا الجانب، ومؤشرات دخول ابنهم إلى هذا العالم حتى قبل أن يصل إلى مرحلة الإدمان. الأمر الآخر وهو الأصعب يتضح من خلال حالة الضياع التي يشعر بها الأهل والحالة النفسية المتردية التي تعيشها الأسرة عندما يكون لديها ابن مدمن، وقد لا يكون العلاج ناجحًا بسبب أن الأسرة لا تعرف أساليب التعامل مع المدمن، في بعض الدول الأوروبية هناك جمعيات ومراكز متخصصة لتأهيل أسرة المدمن، بل إن أغلب هذه البرامج تكون موجهة للأسرة من باب أنها مسؤولة عن النسبة الأعلى في علاج المدمن، وأن تكون هذه البرامج قادرة على منح الأهالي المهارات الجيدة في التعامل سواء قبل العلاج أو بعده، لأن الأهل قد يصابون بحالة تشتت كبيرة وعدم امتلاك الأدوات الصحيحة للتعامل معه، وقد يكون هناك تدليل زائد أو قسوة زائدة، وكلا الحالتين لا أتصور أنها أساليب صحيحة في التعامل. كما أن الفكر المجتمعي الذي ينظر على أن محاولة التوجه إلى الجهات الأمنية لطلب المساعدة ودخول هذا في السياق الفكري الذي ينظر على أن هذا الفعل ما هو إلا فضيحة، والاعتقاد بأن الجهات المعنية بالمساعدة لن تقوم بهذا العمل بسرية ولن تكون إيجابية في آلية تقديم يد العون، وكل هذا يخرج من منطلقات غير صحيحة بسبب ضعف وصول المعلومة إلى جميع الناس، ما يحتم كما أسلفت الحملة الوطنية المتكاملة لضمان وصولها إلى كل بيت في السعودية.
الإدمان على المخدرات مرض لعين لا يصيب المدمن وحده، بل إن كل الأسرة تقع ضحية لوجود مدمن، وقد تصل الآثار إلى أبعد مما نتصور سواء حالة نفسية قد لا تكون ملموسة أو آثار ملموسة كالجرائم وغيرها.
البرامج التي تساعد المدمن على العلاج جيدة لكنها لم تصل بعد إلى ما يرضي الطموح في أن تشمل أفراد الأسرة، لأن علاج المدمن وحده ليس كافيًا، بل هي منظومة مترابطة ولا تكتمل إلا بالنظر إلى أبعاد الإدمان!