د. محمد عبدالله العوين
أستعير هذا العنوان بعد تعديل يسير من كتاب أستاذي العزيز الدكتور عبد الله عبد الرحيم عسيلان (قصة مكتبة)، وهو سفر ضخم تتبع فيه شغفه المبكر بجمع واقتناء الكتب وبحثه عن نوادرها من المخطوطات وغيرها في الوطن العربي.
وباعث كتابة هذه السيرة الموجزة لمكتبتي المتواضعة أسباب عدة؛ منها أنني فرغت بعد عناء ورهق شديدين من نقلها وترتيبها في حقولها المناسبة حسب اجتهادي وما تتيحه المساحة المخصصة للمكتبة، وفي أثناء قراءة العناوين وتصفح الكتب استعدت ذكريات ومواقف مع باحثين وكتاب وشعراء سطروا عبارات إهداء رقيقة موشومة بتاريخ كتابة الإهداء في الصفحة الثانية من الكتاب، فجاشت مشاعري نحوهم، وبخاصة من توفي منهم إلى رحمة الله، ويذكر كثيرون منهم مكان إهداء الكتاب في الرياض وجدة وعمان والقاهرة وبغداد والكويت والبحرين وتونس والدار البيضاء ولندن وغيرها، وبعضهم إهداؤه طويل كمقال ومنهم الأديب الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري وقصير جدا كتوقيع يريد منه المهدي الإعلام بتخصيص النسخة للمهدى إليه وتدوين التاريخ ورباط محبة يعبر عنه اسم المؤلف المدون بقلمه. ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر محي الدين خريف وإحسان عباس وغازي القصيبي وناصر الدين الأسد وعبد الله بن إدريس وبدر كريم وعزيز ضياء ومحمد بن سعد بن حسين وعبد الكريم الجهيمان وعبد الله مناع وسمير سرحان وعايض الردادي وعلي الخضيري وعبد الملك عبد الرحيم وإبراهيم الفوزان ومحمد حسين زيدان وكوركيس عواد وعبد العزيز الرفاعي وفهد العرابي الحارثي وعلي جواد الطاهر ومحمد القشعمي وعبد الرحمن السدحان ومحمد الثبيتي وسعيد يقطين ومحمد الشنطي وزينب حفني وعالية شعيب وإبراهيم الناصر وصالح بن رمضان ومحمد القاضي ومحمد الإدريسي والطيب صالح ومحمد رجب البيومي ومحمد جابر الأنصاري وخالد المالك وعلوي طه الصافي وحسين علي حسين وخالد أحمد اليوسف وعبد الله الحيدري، وغيرهم، مع حفظ الألقاب.
وتذكرت كتاب محمد القشعمي المميز الذي لامس إهداء الكتب بمهارة عالية وعرض سلس.
ثم طوف بي هاجس متشائم زاد من مرارة حزني على فقد كثيرين ممن تصفحت كتبهم ودونوا كلمات رقيقة واسترجعت الأحاديث اللطيفة معهم؛ إما في لقاءات إعلامية يدور قبلها وبعدها فضفضات عفوية ومواقف ظريفة لطيفة وقصص شخصية دونت شيئا منها في سلسلة مقالات نشرت في هذه الزاوية بعنوان (مشاهير التقيت بهم)، عصفت بمخيلتي تهيؤات مستقبل علمي خطير ينسف بين فينة وأخرى ما تعودنا عليه من أساليب حياة وطرائق عيش، كما فعل في حياتنا الكمبيوتر والإنترنت والجوال والبريد الالكتروني ومواقع التواصل المتعددة من سناب شات إلى الواتس أب، قلت في نفسي : يا محمد تخيل لو أن التقنية المتوحشة قررت رمي كتبك هذه كلها في ذاكرة النسيان بالاستغناء عن ألوفها المؤلفة المتراصة على أكثر من مائة رف برف واحد صغير يضمها جميعا في مائة فلاش مومري؟!
يا للفاجعة!
هل أضحي بها وأرميها في عالم النسيان، إذ النسيان لا ذاكرة له ويشبع نهمي عدد من فلاشات المومري لا تملأ كف يدي؟!.. يتبع