د. أحمد الفراج
كلما أشاهد مرشح الرئاسة الديمقراطي، جوزيف بايدن، أتذكر دوره في استجوابات مجلس الشيوخ، أثناء ترشيح الرئيس جورج بوش الأب للقاضي، كليرانس توماس، ليخلف عضو المحكمة العليا الأشهر، ثرقود مارشال، الذي كان أول أسود يتم إقرار تعيينه في المحكمة العليا، بعد أن رشحه الرئيس، ليندون جانسون، في نهاية ستينات القرن الماضي، ومارشال محامٍ شهير، وكفاءة قانونية من أرقى طراز، إذ كان له صولات وجولات، أيام الحراك ضد الفصل العنصري، فقد فاز في واحدة من أشهر القضايا أمام قضاة المحكمة العليا، بعد أن كسب قضية تتعلق بعدم عدالة قانون الفصل في التعليم بين السود والبيض، وكانت قضية تاريخية، أبدع فيها مارشال، وتفنّن في توظيف قوة القانون أمام كل قوى التطرف والعنصرية حينها، ثم فاز بتصويت كامل أعضاء المحكمة العليا مع رؤيته، وأنصح هنا، وبالذات للمختصين في القانون، بمشاهدة فيلم قديم ورائع عن هذه القضية، اسمه: «فصل عنصري عادل»!.
عندما بدأ استجواب اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ للقاضي كليرانس توماس، ادعت فتاة سمراء أنه تحرش بها، وبالتالي تحول الاستجواب إلى حفلة مشوقة، ما زلت أذكر كل تفاصيلها، إذ تم استدعاء الفتاة، التي تسمى أنيتا هيل، وتم استجوابها، وتحدثت بتفاصيل مخجلة، عن التحرش الذي تعرضت له، وكان رئيس اللجنة القانونية حينها، هو السيناتور جوزيف بايدن، الذي أصبح لاحقًا نائبًا للرئيس أوباما، وحصل خلال ذلك الاستجواب مواقف صعبة، بين بكاء المرشح تارة، الذي قال: إن هذه حرب مدبرة ضده، وبكاء مدعية التحرش، تحت ضغط الاستجواب الشرس، من قبل كبار ونجوم مجلس الشيوخ حينها، ولكن في النهاية، صوتت اللجنة لصالح المرشح، ثم وافق مجلس الشيوخ على التعيين، وما زال توماس عضوًا في المحكمة العليا، إذ إن عضوية المحكمة تستمر مدى الحياة، ويتفق الجميع على أن ترشيح توماس ليخلف مارشال لم يكن مبنيّا على الكفاءة، فشتّان بين الرجلين، فمؤهل توماس هو أنه كان من أصول إفريقية وجمهوري محافظ، وطالما أن الحديث عن جوزيف بايدن وعن العنصرية، فسنواصل الحديث عن ذلك، خصوصا وأن بايدن يتهم ترمب بالعنصرية!.