عبدالعزيز الكريديس
أطلقت الأمم المتحدة مبادرة التنمية المستدامة بـ 17 هدفًا تسعى الدول الأعضاء إلى تحقيقها في عام 2030، وشملت تلك الأهداف تحديات عالمية تواجهها شعوب العالم. وأول تلك الأهداف القضاء على الفقر وتوفير الحد الأدنى من الكفاية للمحتاجين.
يعيش اليوم تحت خط الفقر الذي حددته الأمم المتحدة بـ 1.9 دولار يوميا، أكثر من 780 مليون شخص. وحيث إن الفقر له مسببات عديدة أهمها البطالة، فإن مواجهته بالأدوات المناسبة ستحول دون الكثير من المشاكل الاجتماعية وتضيف للازدهار الاقتصادي آثاراً إيجابية.
كما أن الفقر يتسبب به في الغالب تدني مستوى التعليم والسلوكيات الاستهلاكية الخاطئة وبالتالي تنعكس آثاره على جودة حياة الفرد حتى تصل إلى العناية بالجوانب الصحية.
ويأتي دور المؤسسات المتخصصة لدعم الفقراء لمواجهة التقلبات الاقتصادية وضمان الحد الأدنى من الكفاية وبناء المبادرات التوعوية والبرامج النوعية التي تساهم في زيادة الشريحة الوسطى في المجتمع. وهنا تسعى رؤية المملكة 2030 إلى رفع نسبة المشروعات الخيرية التي لها أثر اجتماعي أو التي تتواءم مع أهداف التنمية الوطنية طويلة الأمد. كما أن المملكة تسعى إلى مساهمة القطاع غير الربحي في في الناتج المحلي حيث لا تتجاوز مساهمته حالياً 0.3 %.
وتعمل الرؤية أيضاً على إنجاح عملية التحول المؤسسي في القطاع غير الربحي وذلك عبر دعم المشروعات والبرامج ذات الأثر الاجتماعي وتسهيل إنشاء الجمعيات المتخصصة في مجالات تنموية ذات حاجة قصوى.
وفي وطننا الغالي يتم توفير الصحة والتعليم والكثير من الخدمات الأساسية بشكل مجاني للمواطنين بهدف تحقيق العدالة والاستقرار لأفراد المجتمع.
وتعتبر «الزكاة» من أهم الروافد الداعمة التي تساهم في تحقيق التوازن والأمن الاجتماعي، بالإضافة لما تقدمه المؤسسات من خدمات تعين هذه الفئة على المشاركة والاندماج في المجتمع.
لذا تعمل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مع الجهات ذات العلاقة على عدد من المبادرات لتعظيم أثر هذه الشعيرة وإيصال الزكاة لمستحقيها من خلال تجويد البيانات وتحليلها ومعرفة الاحتياج إلى جانب تفعيل دور القطاع الثالث «الخيري» لتوجيه الجهود فيه لخدمة الفئات المستفيدة من الخدمات الاجتماعية عبر مشاركته في الأولويات التنموية وتجويد الجانب الرعوي.
كما تسعى الوزارة إلى تمكين المستفيدين القادرين على العمل للانتقال من الاحتياج إلى الإنتاج عبر التأهيل والتدريب وصناعة الفرص الوظيفية والريادية للفئة المستفيدة من معاشات الضمان الاجتماعي. ومن أهم التحديات التي تواجه القطاع المعني بالعمل على تحقيق الضمان الاجتماعي ذلك الجانب المرتبط بثقافة أفراد المجتمع المتلقين لهذه المعونات المالية ومدى قدرتهم على الاستغناء عنها وتحقيق الاستقلال المالي والمساهمة في بناء وطن طموح بسواعد أبنائه. وهذا لن يكون إلا بإدارة التغيير والمقصد من هذا التغيير أن يؤمن الفرد بعدم أحقيته لتلك الأموال طالما كان قادراً على العطاء بدلاً من الأخذ.
ولهذا فقد أصبح من الضرورة إيجاد حزمة من المبادرات تُعنى بتثقيف وتوعية المستفيدين مع إتاحة البرامج التدريبية المنتهية بالتوظيف لسد الاحتياج في المجلات التي طالتها برامج التوطين وكذلك فرصاً تجارية وريادية واعدة يكون الكاسب فيها جميع أطراف التنمية مجتمعاً واقتصاداً وفرداً. بالإضافة إلى تطوير الجوانب التشريعية بهدف تجويد الجانب الرعوي الذي يعتبر جانباً أصيلاً في موروثنا الإسلامي والاجتماعي وكذلك صناعة مُحفزات تُمكن القادرين على العمل للالتحاق بسوق العمل وذلك من خلال جوهر التنمية بتمكين أفراد المجتمع ومؤسساته.