نوف بنت عبدالله الحسين
تلقّيت دعوة كريمة من أحد أعضاء (جسفت) لحضور المعرض التشكيلي (رتوش لونية) والمقام في صالة روافد بمدينة الرياض.
غبت عن اليوم الأول والذي يتجمّع فيه الوهج وقوّة الحضور والتغطية بشكل مكثّف، وتابعته من بعيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أتيت في اليوم الثاني أمتّع بصري وأتجوّل بين الرّتوش، وأخذت جولة مع لوحات المعرض المقام والذي يحكي قصصاً إبداعية صاغتها أنامل من ذهب، ففي كل لوحة مخاض أفكار وسهر فرشاة ورحلة إلهام وبهجة لون.
وكل لوحة كانت تتحدّث عن قصّتها بكل أبجديّة لونية عبر تجارب مذهلة في بحر المدارس التشكيلية المتعدِّدة وباستخدام تقنيّات وأفكار متجدّدة.
ما لفت نظري في هذا المعرض بالذّات هو الفنانون التشكيليّون وهم يتحدثون مع الجمهور بكل لطف، بل إنهم يقدِّمون الأفكار الجميلة وكيفية استخدام الأدوات والتقنيات وينصحون بتجاربهم المهارية وفلسفتهم في طرح أفكارهم.
ثم تجد من أخذ زاوية من الفنّانين، ليبدأ بالرسم أمام الجمهور، وكأنّه عزف بصريّ أخاذ، ما بين بورتريهات لصور، وتجارب أخاذة باستخدام الخط العربي، لتتشكّل لوحة أذهلت الحاضرين لتكون هي المذهلة حين خط الفنان التشكيلي لوحة الأبيات الشعرية (مذهلة) وقد كانت بحق مذهلة!
كنت متخفّية بعباءة المتذوِّقة، وحين أتأمل اللوحة يسألني أحدهم هل أنتِ فنَّانة تشكيلية؟ بطبيعة الحال لا أظن أن من يرسم يعتبر فنّاناً تشكيليّاً، نظراً لأن الفنّان التشكيلي يحمل على عاتقه فلسفة الفن وتأثيره على المجتمع والحياة والثقافة، والفن التشكيلي هي رسالة سامية تحكي قصّة وثقافة الشعوب ومدى انعكاس البيئة والمجتمع على لغة الفن وأثره، لذلك كنت خجلة من الاعتراف بأني فنانة مقصِّرة في الطّرح والأداء، وبالتالي ما أنا إلا متابعة عن بعد ما يحدث، ولكني ما زلت أحمل ذائقة بصريّة تساعدني على قراءة اللوحة ومعانيها ولغة الرّيشة والمدرسة التي تنتمي إليها.
كان أجمل ما في المعرض أنه معرض حقيقي دون مصاحبة لفعاليات أخرى، فكانت اللوحات هي المشهد البارز والوحيد في المعرض، وكانوا الفنانين هم العازفين بأنغام إبداعاتهم اللونية.
شكراً لصاحب الدعوة، شكراً للرتوش الجميلة، وشكراً لـ(جسفت).