فضل بن سعد البوعينين
بالرغم من قدم العلاقات الدبلوماسية السعودية اليابانية التي بدأت العام 1955م، وتميزها، إلا أنها بدأت في اتخاذ طابع الشمولية والعمق في السنوات الثلاث الأخيرة؛ وهي مرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية القائمة على شراكة اقتصادية متميزة؛ أسهم في إرساء قواعدها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ الذي أعاد ترتيب علاقات المملكة بشكل متوازن بين الشرق والغرب على أسس اقتصادية وشراكات استثمارية محققة للمصالح المشتركة.
ومن الطبيعي أن تكون اليابان في مقدمة تلك الدول عطفا على العلاقات السياسية المتميزة، والشراكات الاستثمارية، ولما يتميز به الاقتصاد الياباني من تنوع في مصادره، ومساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في ناتجها الإجمالي؛ ولامتلاكها قدرات فائقة في الإبداع والابتكار والرقمنة، وقبل كل هذا امتلاكها العزيمة التنموية والإصرار على استدامة التطوير والتوسع الإنتاجي والدخول إلى أسواق جديدة تزيد من قوتها الاقتصادية العالمية. اتخذت اليابان من السلام قاعدة لها، ومن الإنتاج أداة لتطوير نفسها من الداخل وبناء اقتصادها وعلاقاتها الخارجية.
يمكن القول إن مرحلة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الجديدة بدأت العام 2016 بزيارة الأمير محمد بن سلمان لليابان؛ العام الذي أُطلِقت فيه رؤية المملكة 2030؛ المتوافقة في برامجها الاقتصادية والاستثمارية والإصلاحية مع الرؤية الاقتصادية اليابانية، وتطلعها للفرص النوعية والشراكات الاقتصادية النوعية الداعمة لأهدافها التوسعية في المنطقة؛ ثم بزيارة خادم الحرمين الشريفين التاريخية التي أفضت عن شراكات اقتصادية نوعية وفتحت الباب أمام تعزيز الشراكة النوعية في شتى المجالات.
استحوذ النفط؛ ولعقود طويلة على حجم التبادل التجاري بين البلدين؛ بالرغم من وجود الفرص الاستثمارية المتنوعة التي كانت في حاجة للمبادرات الاستثمارية الجريئة المعززة للشراكة الاقتصادية. لذا جاء تحرك الأمير محمد بن سلمان نحو اليابان؛ الشريك التجاري والسياسي الموثوق؛ حاملا معه فرص رؤية 2030 الاستثمارية ومشروعاتها المتنوعة؛ بهدف تعزيز الشراكة الاقتصادية وتحقيق التنوع الأمثل فيها؛ والمضي نحو المستقبل بمشروعات نوعية ضخمة تتركز في قطاعات مهمة كالطاقة المتجددة والتكنولوجيا والصناعة والمياه والبحوث والتعليم؛ في مقابل الرغبة اليابانية في تعزيز العلاقة الاقتصادية، والتوسع التجاري والاستثماري لتحقيق المصالح المشتركة.
شكل صندوق «رؤية سوفت بنك» الصندوق الاستثماري الأكبر في العالم برأس مال يزيد على 93 مليار دولار؛ قاعدة الشراكة الاستثمارية الجديدة؛ حيث أصبح الصندوق ذراعا استثماريا مهما للجانبين السعودي والياباني؛ اللذين يمتلكان النسبة الأكبر من أصوله. حفزت تجربة اليابان التنموية الرائدة السعودية للاستفادة منها في تحقيق أهداف رؤية 2030 بشكل عام، والأهداف المرتبطة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص. زيارة سمو ولي العهد لليابان، وإن كانت مرتبطة بقمة مجموعة العشرين، إلا أن أبعادها الدبلوماسية والاقتصادية كانت جلية في لقاءات سموه مع رئيس الوزراء الياباني؛ وما نتج عنها من تعزيز التعاون في إطار الرؤية السعودية اليابانية 2030؛ ثم لقائه مع جلالة الإمبراطور ناروهيتو. العلاقات تاريخية والرؤية التنموية الاقتصادية المستقبلية المؤطرة برؤية 2030 ستعززان الشراكة السعودية اليابانية وتنقلها؛ بإذن الله؛ إلى مرحلة متقدمة من التعاون المشترك المحقق لمصلحة البلدين وشعبيهما.