شريفة الشملان
حقيقة كنت مجهزة نفسي للكتابة عن كتاب علمي ومعرفي وصلني عن علم الإجرام لكاتبه دكتور عبدالله بن حمد الشعلان الأستاذ في كلية الملك فهد الأمنية وفقه الله.
كنت أبحث عن مدخل للكتابة، فوجدت صورة معبرة، مجموعة من القرود استولت على سيارة، وراحت تعبث بها، صعوداً ونزولاً، التعليق (قد يتم الاستيلاء، ولكن لا تتم القيادة). وهذا الذي أظنه ما يفعله المجرمون، قد يسرقون بنكا لكنهم لن يعرفوا كيف يديروا بنكا، وكثيرا ما نسمع الأخبار المثيرة عن أشخاص استطاعوا لسبب ما أو وساطة ما رئاسة بنوك ثم استولوا عليها وخربوها.
الكتاب الذي أدخل له هو كتاب علمي معد للتدريس، ولأنه كذلك فلقد كان سهلا على المتلقي من غير الطلاب الاستفادة منه بطريقة للعلم والمعرفة. قد يحتاج إليه الكثيرون منا ليس فقد لمعرفة أمور عن هذا العلم وإنما أيضا للاستفادة من هذا الكتاب في الحياة العملية، خاصة للعاملين بسلك القضاء والمحاكم وطبعا أول من يهمه أمر هذا العلم هم منتسبو الداخلية عموما.
ولمن يمتهن الكتابة مثلنا، فنحن كما نحرص على معرفة الأنظمة والقوانين علينا أن نعرف من كل علم قد يفيدنا في حياتنا العملية والاجتماعية.
الكتاب مقسم لأبواب (كما قلت هو كتاب جامعي)، قد اعتبر الباب الأول هو المدخل لعلم الإجرام، ما علم الإجرام؟
الغرض من علم الإجرام؟
ويحاول أن يجيب عن أسئلة أربع وهي:
لماذا يوجد تباين في معدلات الجريمة؟ ولماذا يختلف الناس في الميل للجريمة؟ ولماذا يوجد تباين في لأسباب الجريمة؟ والرابع هو: ما الوسائل الممكنة لمكافحة الجريمة؟
حول هذه المحاور ينقلنا الكتاب ويثقفنا في هذا العلم الذي أغلبنا لم يفكر في الاطلاع عليه وأنا منهم.
الفصل الثاني يحدد لنا مفهوم الجريمة ومن ثم المجرم من الناحية القانونية والأخلاقية والاجتماعية.
وهكذا يسير بنا الكاتب، كما قلت إننا نقرأ هذا الكتاب وأمثاله لنزداد معرفة ونعرف عن علم أظنه لم يأخذ حقه إلا مؤخرا. ولعل القضاة والمحامين أكثر الناس حاجة منا له.
نحن نعرف أن (لا عقوبة ألا بنص) ولكن هناك عقوبات اجتماعية وربما رسمية قد تقرر بلا نص. ولكن التعريف للجريمة والذي أظنه معتمدا هو: سلوك يحرمه القانون، ويرد عليه بعقوبة جزائية أو بتدبير احترازي). بمعنى سلوك يخالف القانون المعتمد لدى كل دولة وحيث تختلف الدول بمفاهيمها للجريمة. وبما تراه جريمة بينما يراه البعض الآخر تصرف عادي. ولعلي أقف عند (تدبير احترازي) هذه النقطة التي قد تتيح فرصا انتقامية أو مدخلا لانتقام يؤدي لجريمة أكبر من الأولى.
في الغلاف الخلفي وضع تعريف للكتاب، أختصره بالتالي: إنه يعالج الظاهرة الإجرامية، وتحليلها ومن ثم طرق علاجها والوقاية منها.
ولعلي باعتباري كاتبة أبحث عن السلم الاجتماعي أرى أن هناك جرائم اجتماعية كبيرة لا تخضع للأنظمة والقوانين، أكبر من جريمة المجرم الفرد أو العصابة، بل قد تكون سببا للجريمة، فانتشار بعض الأوبئة الاجتماعية تكون ممهدا للجريمة وتفتح ذراعيها لها. منها البطالة بأنواعها، واضحة أم مقنعة، ومنها أيضا عدم المحاسبة الفورية في بعض السرقات والفساد، وجود أحياناً ثغرات تسهل للمجرم الدخول منها.
الشيء الذي لم يلتفت الكاتب له هو صدور أنظمة حقوقية وقد أقول وقائية من الجريمة ومنها حفظ الطفولة وتجريم عملها، تجريم الوالدين في حالة منعهما أطفالهما من حقهم بالتعليم أو أخذ التطعيمات المناسبة. وقد يطول الحديث عن الحاجة لأنظمة تمنع الجريمة قبل وقوعها بتثقيف وتنوير المجتمع عموما.
أصل للنهاية لأشكر الكاتب على جهده في هذا الكتاب، نفع الله به ووفقه.
ولعلي أخرج بنتيجة هي أن الأساس الصالح للفرد والأسرة هو الذي يبني مجتمعا تصغر به الجريمة وتكاد تنمحي هو الصحة العقلية نتيجة للثقافة والعلم.