فهد بن جليد
هو مُصطلح خليجي يعني «هدايا» العائد من السفر، كترجمة لسلوك اجتماعي عربي أصيل يحرص فيه الناس على تبادل التقدير من خلال تلك المُنتجات التي تعبّر عن المشاعر والمُشاركة، قريباً ستنتشر «عشرات المتاجر» في المطارات والفنادق والمناطق السياحية السعودية بهذا المُسمى «صوغة» لتعرض منتجات من «إرثنا الوطني» حاكها وأنتجها حرفيون وحرفيات محليون، الخطوة الذكية تجمع بين الحفاظ على هذه الحرف من الاندثار، وتطوِّر طرق المُمارسة، وتخلق فرصاً كبيرة للوظائف.
التسويق الذكي بهذه «الفلسفة الحديثة» سينقلنا من عشوائية التصميم والتنفيذ لبعض الحرف التقليدية السعودية إلى «خطوط الإنتاج» الراقية والمُعتبرة بشكل مؤسسي واحترافي. هذا ما رأيته وأنا أتجوَّل في «صوغة» أول متجر سعودي من نوعه تم افتتاحه مؤخرًا في الحي الدبلوماسي بالرياض، الفكرة الوليدة مُثيرة وجديرة بالاهتمام كونها تعرض إنتاج أكثر من 55 حرفياً وحرفية من 6 مناطق سعودية بطريقة عصرية وجاذبة مُختلفة تماماً عن أسلوب عرض المنتجات الحرفية في المحال والمعارض التقليدية، فقد أعجبتني كثيراً تلك القطع من «الخرز النسائي» التي مُزج فيها بين أفكار «مصممة بريطانية» وأنامل حرفية سعودية مُسنَّة، تبادل الخبرات بهذا الشكل سيُحدث الفارق حتماً، ويمنح الحرفيين والحرفيات في المملكة «منصة عالمية» لعرض وتسويق إبداعاتهم للأسواق الخارجية والداخلية في وقت واحد، وخصوصاً أنَّ طلبات الشراء تتم أيضاً «أون لاين» من مُختلف دول العالم.
هذا التحول سيمنح الحرفيين مُستقبلاً مع بطاقة «حرفي سعودي» التي يعكف برنامج «بارع» التابع لهيئة السياحة والتراث الوطني على إصدارها، سيمنحهم هوية جديدة وميزات تمكّنهم من المشاركة في المعارض والمحافل المحلية والدولية بشكل سريع ومباشر ومنظّم، وستكون بمثابة خطاب التعريف أو الكفالة للحصول على قرض ودعم مالي من «بنك التسليف» بحسب الاتفاقات المبرمة، ليأتي هذا التحول في القطاع الحرفي منسجماً مع أهداف رؤية المملكة 2030 ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وهو نتاج سنوات كبيرة من الخبرة والتأمل لاختيار أفضل الصيغ التي تضمن الربحية والفائدة والاستمرارية وتحافظ على حرف النسيج والخزف والتطريز والقط العسيري والأعمال الخشبية وصنع الحلي وأدوات الزينة وغيرها من الاندثار أو التوقف لتتوارثها الأجيال للجمع بين أصالة الماضي وحداثة الحاضر، وهي فكرة تجربة يجب أن تستفيد منها قطاعات أخرى لدعم المُنتسبين لها، زيارة واحدة لمتجر «صوغة» كفيلة بخروجك بطاقة إيجابية وأنت مُحمَّلاً بعشرات الأفكار التي تعكس القيمة الفنية والإبداعية لحرفنا وصناعاتنا الوطنية، التي يجب أن تكون «عنوانًا رئيسًا» نفتخر به، «كمُبادرة دعم» ونحن نتبادل الهدايا و»الصوغة» التي تعبِّر عن «تاريخنا وإرثنا» أفرادًا ومؤسسات في القطاعين العام والخاص.
وعلى دروب الخير نلتقي.