الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
توصلت دراسة علمية ميدانية إلى حلول ومعالجات مناخية ناجحة في مساجد نجد التقليدية، يمكن الإفادة منها في المساجد المعاصرة، وذلك وفقًا لما وجده الباحث من تصميمات تقليدية فريدة عالميًّا لعمارة المساجد.
وكانت الدراسة المعنونة بـ»التكيف البيئي الحراري في مباني المساجد التقليدية والمعاصرة: دراسة مقارنة لمساجد إقليم نجد في المملكة العربية السعودية» قد نال بها المهندس المعماري/ عبدالسلام بن محمد بن عبدالكريم المشيقح درجة الدكتوراه من كلية العمارة والتخطيط ببرنامج الفلسفة المعمارية بجامعة الملك سعود بالرياض. وقد قام الباحث بزيارة وتصوير ما يربو على مائة مسجد بمختلف مناطق نجد الثلاثة: الرياض والقصيم وحائل، كحالات دراسية، كما عمل الرفع المساحي لبعضها، وأخذ القياسات المناخية لعدد منها، من حرارة ورطوبة.
وتوصل البحث إلى نتائج، ملخصها أن هناك حلولاً ومعالجات مناخية ناجحة في المساجد التقليدية، معتبرة في تشكيل الفراغات، راضٍ عنها المعماري والمجتمع، ويستمتع بها بالتبريد والتدفئة والتهوية بالطاقات الطبيعية بنسبة 80 - 85 % من السنة، وهذه مفقودة في المساجد المعاصرة.
ووجد الباحث تصميمات تقليدية فريدة عالميًّا لعمارة المساجد بفلسفات أستاذية نجدية، تتواءم مع البيئة الطبيعية، وذلك بستة أماكن متنوعة بالمواقع للصلاة فيها خلال الفصول الستة.
وخلصت الدراسة إلى توصيات لمعالجات التصميم للتكيف البيئي الحراري على شكل خطط مقترحة للتحكم الحراري خلال فصول السنة الستة، بما يتناسب معها حراريًّا، من خلال مراحل العملية التصميمية، كتنوع الفراغات المناخية، والسلوك الإنساني وإدارته بالتنقل بين الخارج والداخل في تسلسل فكري ومنهجي، وكذلك التقنيات الحاسوبية الحديثة، ويوصى بها للخروج بنموذج ملائم للمسجد في المناخ الحار الجاف كمنطقة نجد، يتوفر به التكيف البيئي الحراري باستغلال الطاقات الطبيعية، ويتوافق مع رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية لتوفير نسبة كبيرة من الطاقة المستهلكة في المساجد، بتصاميم بيئية معتبرة اقتصاديًّا وصحيًّا للمصلين.
جدير بالذكر أن الدراسة استهدفت استكشاف أوجه التكيف البيئي الحراري في المساجد التقليدية والمعاصرة في منطقة نجد، وتوظيفها، ورفع مستوى التكيف البيئي الحراري في المساجد المستقبلية، وذلك من خلال تحديد طرقها وأساليبها في النموذجين، ومدى استجابتهما لاحتياجات المستخدمين الحرارية، وكيف تم توظيف هذه الممارسات والتقنيات بهما؟ وما تكلفتهما ومردودهما؟ والتعرف على مدى وجود وجدوى وفاعلية هذا التكيُّف في كل من النموذجين في المناخ الحار الجاف، ثم الخروج بخطط تصميمية لطبيعة المساجد في المناخ الحار الجاف.
كما تمت الدراسة بفرضيات، هي أن الممارسات والتقنيات التقليدية في المساجد النجدية التقليدية وفرت الكثير من النواحي الإيجابية فيما يتعلق براحة المستخدم الحرارية، بتكيف بيئي حراري بشكل دائم إلى حد كبير، وكلفة متدنية، بينما العكس في العمارة المعاصرة مقابل كلفتها العالية الرأسمالية والتشغيلية، ومشاكلها البيئية، بالرغم من توافر الإمكانات كافة.
وافترض الباحث أنه توجد لعمارة مساجد نجد التقليدية تصميمات بيئية للتكيف الحراري بسمات محلية فريدة عالميًّا، تتواءم مع البيئة الطبيعية، ومبنية على ممارسات وتقنيات تخدم المستخدم.
وركزت منهجية الدراسة على مقارنة مدى اتباع كلتا العمارتين لمنهجية التصميم البيئي في التكيف الحراري مع واقع المنطقة النجدية المناخي، وتأثير ذلك على التكوين المعماري لهما لمعرفة مدى تحقيق الراحة الحرارية بكلتيهما.
وتم ذلك باتباع المنهج الوصفي التحليلي لمناخ نجد الدوري بفصوله السنوية الستة، ودراسة المعالجات التصميمية البيئية الموظفة بفصولها من خلال الأفكار التصميمية والتشغيلية للمسجد لتحسين مستوى أدائه حراريًّا، وذلك من خلال رصد القراءات المناخية والاستبانات والمقابلات، ورصد الملاحظات وسلوك المصلين.