د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن المرشح الديمقراطي، جوزيف بايدن، الذي يعتبر حالياً أبرز المرشحين الديمقراطيين، وهو شخصية سياسية تختلف حولها الآراء، فهو سياسي جيد، إذا أخذنا مسيرته في مجلس الشيوخ، الذي خدم به مدة طويلة جداً، فقد فاز بعضوية المجلس عن ولاية ديلاوير الصغيرة في عام 1972، كسادس أصغر سياسي يفوز بعضوية مجلس الشيوخ عبر التاريخ الأمريكي، ثم أعيد انتخابه ست مرات، قبل أن يختاره أوباما كنائب له في عام 2008، وكان التناغم بين الرجلين قوياً، وهو من أسرة متوسطة الحال، انتقل مع أسرته من ولاية بنسلفانيا إلى ولاية ديلاوير، ثم بعد أن عمل في المحاماة، قرَّر أن يخوض غمار السياسة، واستطاع - بمعجزة - أن يهزم عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، كاليب بوقس، الذي كان يملك تاريخاً حافلاً ومدعوماً من الرئيس الجمهوري، ريتشارد نيكسون، وقد ساعد بايدن في ذلك أنه تواصل مع الناخبين مباشرة في تلك الولاية الصغيرة.
لم يكد بايدن يحتفل بفوزه بمقعد في مجلس الشيوخ، حتى توفيت زوجته وابنته في حادث مأساوي، ومرَّ بظروف غاية في القسوة، جعلته يفكر في هجر السياسة، ويتفرَّغ لتربية أطفاله، ولولا دعم بعض الساسة الكبار له، لانتهت حياته السياسية باكراً، وقد ساهمت هذه المأسأة - من وجهة نظري - في سلوكيات بايدن اللاحقة، والتي تم انتقاده بسببها كثيراً، مثل التعامل مع السيدات بطرق وأوقات غير مناسبة، فهذا لم يحدث مرة ليُقال إنه صدفة، بل حدث مراراً، كما أن له تصريحات توحي بأن لديه نَفَساً عنصرياً، رغم قناعتي الشخصية بأنه ليس عنصرياً، وهو الآن يواجه أقسى اختبار، إذ أُثير أمر علاقته الوطيدة مع بعض أعضاء مجلس الشيوخ العنصريين، خلال سبعينات القرن الماضي، والذين كانوا ضد إنهاء سياسة الفصل العنصري، وهذه ستكون كارثة بالنسبة لسياسي، يطمح في أن يواجه الرئيس ترمب، الذي يُتَّهم بالعنصرية، خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، فإذا أضفنا لذلك عمره المتقدم، وافتقاده للكاريزما، فإنه يصح القول إنه سيواجه أوقاتاً عصيبة من المرشحين الديمقراطيين، خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وفي حال فاز بترشيح الحزب، فإنه لن يكون في موقف صلب لمجابهة ترمب في موضوع الإقصاء والعنصرية، والمؤكد هو أن انتخابات أمريكا الرئاسية القادمة ستكون قمة في التشويق والإثارة!