الثقافية - محمد المرزوقي:
صدر للناقد الدكتور عبد الله الغذاميّ، كتاب جديد بعنوان: «السردية الحرجة: العقلانية أم الشعبوية؟»، عن المركز الثقافي العربي 2019م، حيث سعى المؤلف من خلال إصداره إلى قراءة حال الثقافة البشرية بين الذكاء الاصطناعي بوصفه العقلانية الجديدة، والوقوف على هوية المدينة الحديثة وثقافة صناعة الخوف عبر شاشات التواصل الاجتماعي.
كما يطرح الغذامي في هذا الإصدار العديد من التساؤلات الكبرى في سياق السردية بين قطبي العقلانية والشعوبية؛ إذ يأتي في مقدمة هذه التساؤلات: هل فقدت الثقافة البشرية سرديتها الكبرى ودخلت في سردية حرجة؟! حيث يوصف الكاتب أجواء هذه السردية الحديثة بأنها شهدت ظهور الشعوبية السياسية في قلب الجمهوريات الديموقراطية وكأن قرونا من العقلانية والفلسفة عجزت عن محاربة النسقية الثقافية والطبقيات العنصرية! أو كأنها تستعيد النموذج الأفلاطوني في جمهوريته حيث العدالة للأقوى والحرية للأقوى، وتدخل البشرية مرة أخرى في مانوية جديدة، تصنع حدا قصريا بين ضدين، في حين يصبح الوسط خطيئة، بل يختفي الوسط تحت سياط الاستقطاب في حرب متصلة بين العقلانية والشعوبية!
كما يأتي استقراء الغذامي للسردية الحرجة بين العقلانية أو الشعوبية، ضمن ما تتبعه في سياق السرد على مستويات مختلفة، وعبر رؤى بحثية نقدية تأتي متكاملة البناء العلمي والبحثي في هذه الظواهر ضمن مشروعه النقدي الثقافي، من خلال ما قدمه من مؤلفات وأبحاث وأوراق علمية منها ما نشره عبر الصحافة ومنها ما قدمه ضمن مشاركاته المنبرية داخل المملكة وخارجها، حيث يضع المؤلف هذه السردية الحرجة بوصفها ظاهرة، وبوصفها مرحلة سردية تطرح العديد من تساؤلات المرحلة التي تعيشها المجتمعات فكريا وثقافيا، في بيئة اتصالية فرضت أنساقا وبنى اجتماعية لها سماتها التحولية عبر شيوع الوسائل والمبتكرات التي أصبحت مكونات رئية ضمن مكونات المجتمعات المعاصرة، التي يأتي في مقدمة ما أفرزته ظواهر ما يعرب بـ»إنسانيات الرقمنة»، الذكاء الاصطناعي وغيره.. ما جعل من هذا الكتاب يأتي مواكبا لحالة سردية حرجة!.