عرفت الأستاذ عبدالرحمن بن زيد بن عبدالرحمن السويداء، شاعراً وناقداً وباحثاً في الشأن الثقافي بعد تقاعده المبكر عام 1404هـ وافتتاحه دار نشر باسمه للنشر والتوزيع بالرياض.
ومن حسن حظي أن تم اختياره من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب ضمن وفد ثقافي تقرر أن يزور الجماهيرية العربية الاشتراكية الليبية العظمى عام 1411هـ/ 1991م للمشاركة في مهرجان (النهر الصناعي العظيم) للشعر الشعبي، مع شعراء آخرين هم: أحمد النافع وعبدالله الحمديِّ ومتعب العنزي وكنت إداري الوفد، فتعرفت على السويداء عن قرب وأعجبني فيه وفاؤه وصدقه ووضوحه فتكررت زياراتي له، ولقاؤه في المناسبات الثقافية.
وبعد انتقال عملي من الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى مكتبة الملك فهد الوطنية دعوته لزيارة المكتبة والتسجيل معه ضمن برنامج (التاريخ الشفوي للمملكة) وقد وافق مشكوراً في 3/11/1418هـ وروى مختصراً لسيرته قائلاً: إنه ولد في بلدة (المستجدة) بمنطقة حائل بتاريخ 28/12/1358هـ 7/1/1940م وأمضى طفولته في المستجدة في كنف أخواله آل السويطي من الظفير، وفي رعاية جدته لأمه -إذ إن والدته قد توفيت وعمره شهرين- فاهتمت بتربيته وتعليمه جدته، في الوقت الذي لم يكن فيه مدارس نظامية، وإنما قرأ ثلاثة أرباع المصحف على مقرئي الصبية (الكتاتيب)، الشيخان عيسى وعبدالرحمن الرديعان، والشيخ عبدالرحمن الخطيب.
وفي الثامنة من عمره انتقل إلى كنف والده في مدينة (الروضة) بمنطقة حائل، وكان قد وصل إلى سورة يوسف فأكمل المصحف على يد الشيخ عبدالمحسن العامر والشيخ محمد الغاوي الذي كانت تساعده والدته فهيدة بنت عمر العجيمي.
بقي بمدينة الروضة يساعد والده بالفلاحة، وعندما فتحت المدرسة الابتدائية بالروضة عام 1372هـ/ 1952م انضم إلى طلابها وحصل منها على الشهادة الابتدائية، حيث عين مدرساً بذات المدرسة مع مواصلته للدراسة المتوسطة والثانوية بالانتساب من المعهد السعودي والذي تخرج منه عام 1381هـ/ 1961م. استقال من التدريس ليلتحق بجامعة الملك سعود بالرياض طالباً بكلية الآداب.
• وعن حياته الاجتماعية يقول أن والده قد زوجه مبكراً من ابنة عمه، وهو في العشرين من عمره ورزق منها أربعة أبناء ذكور وسبع بنات، وبعد أن أمضى قرابة عشرين سنة تزوج مرة ثانية، وقال إن زوجتيه قد عاشتا معاً في بيت واحد وكأنهما أختان بودٍ وانسجام، ورزق من الثانية ستة أبناء ذكور وخمس بنات، وكرس جهده على تعليم أبنائه قدر الإمكان والاستطاعة. وشغل أبناؤه وظائف في الدولة، إداريون ومدرسون، وأبناؤهم: خالد وماجد وناجي ومشهور ومنصور وعمار وزيد وعبدالله وعمرو وبسام. والبنات: نوير ونورة وقوت وسلمى وهيفاء وعبير وبسمة ومنى ونوف وأمل وسارة ومليحة).
• أما حياته العملية فيذكر أنه بدأها مدرساً بوزارة المعارف لمدة ست سنوات، انتقل بعدها للعمل بوزارة الداخلية لثمانية أشهر، ثم انتقل إلى مؤسسة النفط والمعادن (بترومين) ولمدة سنة ونصف، ثم انتقل إلى وزارة الدفاع والطيران في حقل التعليم بإدارة الثقافة والتعليم بوظيفة مفتش تعليمي ثم مساعداً لمدير التعليم ثم مديراً للتعليم ثم مستشاراً تعليماً ولمدة سبعة عشر عاماً، طلب بعدها التقاعد المبكر للتفرغ لأعماله الخاصة وممارسة الكتابة من عام 1404هـ/ 1984م.
وقال إنه أسهم بكتابة نحو 31 عنواناً منها ستة عناوين يتكون كل واحد منها من ثلاثة أجزاء، وذلك شعوراً منه بمحاولة خدمة بلده وأمته بما يتعلق بتسجيل وتدوين ما له علاقة بتاريخ بلده من الناحية التاريخية والأدبية واللغوية.
وقال إنه خلال عمله بإدارة الثقافة والتعليم بوزارة الدفاع تبنى ودافع عن عدة أمور منها:
1- تبنى إحلال المدرسين الوطنيين محل المدرسين المتعاقدين بمدارس الأبناء من الجنسين بنين وبنات حتى تحقق ذلك في وقت مبكر.
2- تبنى برنامج محو الأمية في أفراد القوات المسلحة، حتى بلغت المدارس في هذا القطاع العشرات في الوحدات العسكرية.
3- عمل على التوسع في مواصلة أفراد القوات المسلحة لتعليمهم المتوسط والثانوي حتى بلغت المدارس المتوسطة في فروع القوات المسلحة 24 مدرسة متوسطة و12 مدرسة ثانوية.
4- تبنى برنامج الابتعاث على حساب القوات المسلحة، وبقي متولياً هذا البرنامج لمدة عشر سنوات حتى بلغ عدد المبتعثين لدراسة الطب البشري والهندسة بمختلف فروعها أكثر من 2000 ألفي طالب وطالبة، تخرج منهم أعداد كبيرة ممن يشغلون الآن الوظائف المدنية والإنشائية والميكانيكية في قطاعات القوات المسلحة.
5- تبنى برنامج الابتعاث الداخلي لمن يدرسون في الجامعات السعودية من الذكور والإناث لدراسة الطب والهندسة والتمريض، وصرف مكافآت شهرية لهم، وعند تخرجهم يعملون في قطاعات القوات المسلحة، وقد تم ذلك بنجاح.
• ولا ينسى أن يذكر أسماء بعض طلبته الذين تنبأ لهم بالتفوق والنجابة ووصولهم لمراكز متقدمة ومنهم:
- الدكتور علي بن فهيد السرباتي، أستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض.
- الشيخ سالم بن حمدي العياد، مساعد رئيس محاكم منطقة حائل.
- الشيخ سليمان بن عامر العامر، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحائل.
- العقيد حمد بن رباح القريشة، مدير الدفاع المدني بمنطقة حائل.
أما من أشرف على ابتعاثهم لدراسة الطب والهندسة عندما كان مسؤولاً بوزارة الدفاع والطيران فيعدون بالمئات من الأطباء والمهندسين، ممن يعملون بقطاعات وزارة الدفاع والطيران، منهم على سبيل المثال:
- الدكتور المهندس عبدالعزيز العطيشان.
- الطبيب العقيد عبدالعزيز بن عبدالرزاق السيف.
- الدكتور العقيد سليمان بن عبدالله الخليل.
- المهندس سعد بن محمد الطاسان. مدير مطار الملك خالد الدولي بالرياض.
• ويعود بنا مرة أخرى لذكريات التعليم، فيقول إن المدرس الفلسطيني هاشم طالب شريف قد طلب من مدير المدرسة الابتدائية بالروضة عبدالعزيز بن إبراهيم العجيمي أن يرشح أربعة طلاب للتقدم للشهادة الابتدائية، فاختار أربعة هو أحدهم ودرسوا مقررات السنوات الرابعة والخامسة والسادسة في سنة واحدة. فنجح فيها عام 1374هـ. تم درس الكفاءة المتوسطة نظام ثلاث سنوات وأخذها بسنة واحدة عام 1379هـ. ثم درس التوجيهية في المعهد السعودي نظام ثلاث سنوات ونجح في سنة واحدة عام 81/ 1382هـ، ثم التحق بجامعة الملك سعود عام 1382هـ في السنة الأولى منتظماً ثم اضطر لظروف المعيشة إلى العودة إلى الوظيفة وحول دراسته إلى الانتساب حتى تخرج من الجامعة 85/ 1386هـ/ 65/1966م، وقال إنه حاول الانتساب لإكمال دراسته الأكاديمية العليا الماجستير والدكتوراه، ولم يكن بجامعات المملكة إمكانية لذلك.