م/ نداء بن عامر الجليدي
قتلتنا طيبتنا، وضيعتنا المتاجرة بالأوهام وشراء السراب بعبوات مختومة على أنها ماء زمزم.. وأنا أقرأ قبل فترة ومتابع لقصة قيام أحد الأشخاص -عرف نفسه بتاجر سعودي- بالاحتيال على 6 آلاف مواطن مدّعياً بتنظيم استثمار سمين جداً يعود رأس مالك في أقل من 18 شهراً، وذلك بشراء رديترات وتأجيرها، فجمع من كل مواطن لا يقل عن 75 ألف ريال، وعندما اكتمل العدد اللازم (للتلاعب) البالغ 6000 مواطن، وكان قابلاً للزيادة لولا فطنة رجال الأمن لدينا عن هذا النظام المشبوه، ولكن تم تهريب جزء كبير من الأموال وظل متوارياً عن الأنظار.. حتى تمكن رجال أمننا البواسل من الزج به بالسجن ومحاكمته، ولكن أين الأموال؟ الذي أحزنني أن «هذه المبالغ» التي دفعها المواطنون أغلبها عبارة عن قروض شخصية أو مديونيات هنا أو هناك.. لكن من يفكّر بالاحتيال لا يهمّه مصير الضحية أو مآلها.
على أية حال، تذكرت ما تعرّضنا له -نحن أبناء وإخوان هؤلاء المواطنين- بطريقة مشابهة وإن كانت بنتائج أوجع وأبشع، وما أكلناه من مقالب اقتصادية في حياتنا وضياع رسمي لمبالغ كنا نهدف بها إلى الحصول على مفاتيح جنّة الاستثمار السمين حيث لا يختلف كثيراً عن تفاصيل ما جرى لإخواننا المواطنين أعلاه.
ربما تذكرون في 2006م، كيف كان لانهيار سوق الأسهم الأثر الكبير علينا وبأيدينا للأسف دخل جميعنا هذا السوق ونحن لا نعرف أبجدياته، أثرنا به وجعلناه غير متوازن بضخ جميع ما نملك به على حساب قطاعات اقتصادية أخرى فتلك السنين ما قبل الانهيار كانت أغلب القطاعات الاقتصادية راكدة واهما السوق العقاري وقطاع التجزئة، وصفقنا له كثيراً بعد أن أوهمنا أن الموازنات سترتوي والديون ستسدد على داير ملّيم كما سنقوم -من فرط النعيم- بتسمين الاستثمار وبيعه كما بعنا مؤسساتنا في قطاعات اقتصادية أخرى للجزّارين والسماسرة الذين يفهمون بالسوق -وهذا حق مشروع لهم- فذبوحها وقبضوا أثمانها واختلط حليبها بالدم.. هل هلت الملايين علينا بالفعل؟ نعمّ هلّت.. لكن ملايين الديون والقروض وعُلّقت «ملايين المساومة» لمن دخل سوق الأسهم مستديناً.
أما آن لكم أن تعرفوا عدّوكم من صديقكم، خصوصاً بعض الأشخاص الذين يتجهون الآن إلى شركات وهمية عن طريق النت لتنمية استثماراتهم والأمثلة كثيرة والدعاية لها رائجة للأسف. أما آن لكم أن تنزعوا أجنحة الجراد الذي يقفز من شجرة جرداء إلى شجرة خضراء ليأكلها؟ .. ها قدّ مرّت سنوات ونحن نجلس على رصيف المديونية لبعض مقالبنا الاقتصادية ونضع في أحضاننا «بيض» الأحلام والمشاريع الاستثمارية وكما قيل العاقل خصيم نفسه... ودمتم بود