فهد بن جليد
في «مايو» الماضي كشفت شبكة «NBC» الأميركية في تقرير مطوَّل لها عن إنشاء حسابات أمريكية وهمية تنتحل صفة صحافيين، وتقوم بتوزيع رسائل وتقارير وأخبار تروِّج بشكل خفي «للسياسية الإيرانية»، كما تنتحل هذه الحسابات المزيفة أيضاً أسماء وصفات مرشحين وسياسيين داخل المجتمع الأمريكي، بهدف تضليل المستخدمين وتغيير قناعاتهم تجاه قضايا لا يملكون موقفاً مُسبقاً منها، باستغلال هذه المنابر الاجتماعية الحرة بشكل منظم وسري لأهداف «مشبوهة وقذرة».
النتيجة ذاتها توصلت إليها جامعة «تورنتو الكندية» عندما وصفت ما يجري في «الإنترنت الكندي» بأنَّه عمليات مشابهة منفصلة للترويج لسياسات النظام الإيراني، وشن هجمات مُضلِّلة على خصومه «بمقالات وتقارير وأخبار وهمية»، العالم يكتشف مع صباح كل يوم أنَّه كان عرضة لمثل هذا التضليل والتزييف الإيراني، الذي يتم بشكل مُنظم وعبر شبكات وعناصر ومُتعاونين محليين «من أصول إيرانية» ممَّن دسَّتهم في تلك المجتمعات أو «مأجورين» أو من تتوافق «أهواؤهم ومذاهبهم العنصرية» مع إيران، أو تتطابق وتتقاطع توجهاتهم السياسية معها، أوروبا هي الأخرى ليست في معزل عن هذا الخطر الإيراني الذي يتضح باستغلال «منصات التواصل» للتضليل ودعم الإرهاب فيها.
الاستطلاع الدولي الذي نُشر الثلاثاء الماضي يقرُّ بوقوع 86 بالمائة من مُستخدمي الإنترنت حول العالم «كضحايا» لأخبار مُضللة على الشبكة العنكبوتية، وأتوقع أن تكون النسبة في تزايد في عالمنا ومُجتمعاتنا العربية، فالتوسع في الاعتماد على الأخبار من شبكات التواصل الاجتماعي بقدر ما يمنحنا السرعة والتفاعل والتنوع والآنية، فهو يهدد حياتنا من ناحية أخرى ويجعلها أصعب مع الاعتماد على معلومات وأخبار ونصائح وتناقل خبرات -بشكل عشوائي- عبر هذه الوسائل، بطريقة ليست بالضرورة تفاعلاً بريئاً وصحيحاً في كل مرَّة، بل قد يكون مؤدلجاً ومُضلِّلاً -كما هو في الحالة الإيرانية- ما يُشكل خطراً على الفرد والمجتمع، فإذا كان المشاركون الدوليون في الاستطلاع من 25 بلداً حول العالم -بحسب أبيسوس- يحملون الولايات المتحدة الأمريكية حصة الأسد في المسؤولية عن نشر وتمرير الأخبار المضللة، تليها روسيا ثم الصين، فنحن بحاجة إلى استطلاع «أكثر قرباً» من منطقتنا العربية والخليجية تحديداً لقياس الأمر أكثر من مرة وبشكل مستمر، وإن كانت «الدلالات والدراسات السابقة والمعلومات المُحلَّلة» من جهات عدة، قد فضحت تورّط ماكينة الإعلام وأذرع «إيران وتركيا وقطر» في نشر أخبار من هذا النوع، وفق أجندات سياسية وأيديولوجية مرسومة مسبقاً لأهداف مشبوهة تهدد أمن واستقرار المنطقة ومجتمعاتها، إلاَّ أنَّ استمرار مُراجعة هذه الحالة وكشف المزيد من خيوطها وطرائقها أمر في غاية الضرورة «للتصدي المجتمعي» لها والحذر منها.
وعلى دروب الخير نلتقي.